منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة" 2622214386 القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة" 4247595835 lol!

منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة" 2622214386 القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة" 4247595835 lol!

              " إن الطريق شاق و طويل و سوف يسقط كل من يدعي الثورية ، و لن يبقى في الميدان إلا الثوريون الحقيقيون الذين أمنوا بمبادئ الثورة و عقيدتها " .. قائد الثورة
               " إن عصر الجماهير وهو يزحف حثيثاً نحونا بعد عصر الجمهوريات يلهب المشاعر .. و يبهر الأبصار . و لكنه بقدر ما يبشر به من حرية حقيقية للجماهير ..و انعتاق سعيد من قيود أدوات الحكم .. فهو ينذر بمجئ عصر الفوضى و الغوغائية من بعده ، ان لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب .. و تعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب"  .. قائد الثورة
               " إلى الذين لم يفسدهم النفط .. الذين هم أغلى من أن يزج بهم في معارك ليست واجبة .. إلى الذين أصالتهم أعمق من جذور الإقليمية .. و إرادتهم أقوى من إرادة الإستعمار الذي يريد لهم الفساد و يريد لهم الإنكفاء .. الذين أقدموا على التطوع بوعي و إرادة و شجاعة .. و أدركوا أن هذه هي المواجهة الحقة .. و أن هذا هو الموقف الصحيح من التاريخ "  .. قائد الثورة

    القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة"

    بنتك يامعمر
    بنتك يامعمر
    عضو مميز
    عضو مميز

    التسجيل التسجيل : 29/04/2013
    مساهمة مساهمة : 359
    التقييم التقييم : 21
    الجنس الجنس : انثى

    البلد البلد : ليبيا
    16052013

    القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة" Empty القذافي يتكلم بقلم علي شندب "الخاتمة"

    مُساهمة من طرف بنتك يامعمر

    الخـاتـمـــة


    دعونا في مستهل خاتمة هذا الكتاب ومن باب واجب احترام المواطن العربي، قارئاً كان أم مستقرئاً أم مقروءاً، أنْ نُسجِّل معاً النتائج التي أفرزتها ثورات الربيع العربي كما أريد تسميته، لا كما اصطُلح على تسميته:

    أولاً: في كل من تونس ومصر، نجحت الحراكات الشعبية غير المستكينة في الإطاحة برأسي النظام في هذين البلدين.
    وأنّ السبب وراء نجاح هذه الحراكات في تحقيق أهدافها في هاتين الدولتين العربيتين، إنّما يعود بشكل رئيس إلى موقفي القوات المسلحة فيهما اللذيْن اتّسما بالحياد الإيجابي المتوافق والمتآلف مع محرّضات وبواعث هذه الحراكات المسروقة بعد ذلك من حركات ومحرّكات.

    ثانياً: في اليمن، لم يفلح الحراك الشعبي في الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح، فالعامل القبلي وشبه الولاء العسكري للرئيس من قبل تيارات مُمسكة ومؤثرة في المؤسّستين العسكرية والأمنية وعوامل أخرى، شكّلت نقاط قوة لصالح الرئيس علي صالح، مكنته من الخروج من قصره الرئاسي بطريقة لا هازم ولا مهزوم. فلنسجّل إذن أنّه في اليمن انتصر منطق التسوية على منطق إرادة الشعب، فتنحّى الرئيس ولم يُخلع لا بقوّة الحوثيين ولا بحشود المعتصمين.

    ثالثاً: في البحرين، كانت أصداء المصالح الستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية أكبر وأفعل من صراخ الغالبية الشيعية الشعبية الساكنة في هذه المملكة الخليجية، فالحراك الشعبي القوي قد تمّ إخراسه بدرع الجزيرة بفرعيه العسكري والإعلامي. وهناك صدحت حقيقة تقول إنّ الثورات العربية لا يُمكن أنْ تنجح إذا لم يضع الأميركيون توقيعهم، فكانت بصمتهم أوضح وأسطع.

    رابعاً: في ليبيا، إنّ التحالف المشكّل من الولاء القبلي العريض والعسكري الشديد، والذي تشكلت منه أرسخ وأمتن مقوّمات قوة العقيد فأدّت إلى جعل الحراك الشعبي بمثابة الفوضى التي يجب مكافحتها بسرعة وكان بالإمكان إنجاز ذلك بمنتهى السهولة، هذا التحالف فرض تحالفاً صعباً يجب أنْ يحدث بين رافضي الزعيم الليبي في الداخل وبين روافِضَةِ سلوكياته وبرامجه السياسية في الخارج، فكانت الحرب التي وضعت ثوار ليبيا في مصافّ القوات البرية لحلف شمال الأطلسي.

    ومن هناك.. فقدت ثورة كل من تونس ومصر عذريتها. ومن هناك أيضاً.. عمّق السيّد نصر الله خندق تناقضاته وازدواجياته، فأصبح أكثر أمناً من استهدافات صواريخ إسرائيل العابرة للوشاية.
    خامساً: في سوريا، حال التحالف العريض والقوي الذي نسجته إيران دون ارتفاع صوت الشارع السوري أكثر، فكانت ربع ثورة، لم تستطع رباعيات الأطلسي العسكرية والسياسية والإعلامية والإسلامية من مضاعفتها لتصل إلى نصف ثورة، فبقي الرُّبع رُبعاً خالياً إلّا من الدّم.. ومن الممكن أنْ ينحسر لولا نكايات السيّد نصر الله والإستحواذات السياسية المنطلقة من حوزات يُراد مدّها ليكتمل هلال المشروع المترامي الحيّزات والحظوظ.

    سادساً: ظهر الربيع العربي وكأنّه ملف مدروسة منطلقاته وأبعاده من قبل، فالأطراف الدولية والإقليمية وما قبل الإقليمية، كانت مواقفها البدائية لا المبدأية مصاغة بطريقة تفوق المعقول، فالخارطة الثورية مرسومة على الورقة، والقلم منتصب في اليد، والطبقة العربية المثقفة، بكل أشكالها وتشكيلاتها، وبكل فروعها وتفريعاتها، أمام مهام جديدة، عليها أنْ تنفق فيها ولأجلها كل ما اكتسبته من رصيد مصداقية، فالجزيرة هي الأم والجُزُر التبشيرية هي الأبناء، ولا بأس أنْ يكون الإبن ضالاً أو عاقاً في هذه المرحلة المصيرية؛ المصيرية بكل شي، إلّا بحق الشعوب العربية في تقرير مصيرها، فهنا بانت الكذبة الكبرى.. فكذِّبْ ثم كذِّبْ حتى يصدّقك الناس، لكن!.

    لكن «حبل الكذب قصير»، عبارة نسوها أو تناسوها، ولن يتذكروها أو يستذكروها إلّا عندما يصبحون هم كلهم في طي النسيان، في اللحظة التي سيطوي المكذوبُ عليهم من العالمين صفحةَ الإحترام لهم ولألسنتهم ومنتدياتهم وخطاباتهم، فتباً لك يا أبا لهب، أما زلت تبشرنا بلهيب ثوراتنا؟.

    إذن.. إسألوا العبّاسية في أم الدنيا.. إسألوا خلية القصر الرئاسي في تونس.. إسألوا زوال ليبيا عن خارطة القيمة في العالم، بل إسألوا استحالة العراق إلى مستحيل بعدما كان الممكن الوحيد في زمن أكبر الرجال طيّب الله ثراه القائد صدام حسين المجيد.
    أكان يوماً مجيداً يا سيّد المقاومة؟.

    سابعاً: هل سمعتم بشعار «الإسلام هو الحل» الذي ارتفع به الإخوان المسلمون إلى مقاعد البرلمان في مصر؟.

    إنّه الشعار الذي حذفه هؤلاء في محافل الثورات العربية ليرتفعوا ببدل عن غير ضائع أسموه «الفرصة السانحة»، ألا يصلح «الإسلام» أنْ يكون حلّاً فيُرفع بيرقاً وراية تُقاد الثورات العربية به بدل اقتناص الفرص أم أنّها البراغما ـــــ سلامية التي تفرض شعارات المراحل، فالإسلام يُرفع فقط بوجه محمد حسني مبارك «الكافر»، أمّا الإستسلام للسلطة فيتطلب جعل الإسلام بمنأى عن مفاوضات استدراج العروض، لكن أيّة عروض، وهل بقي للعرب عروض؟.

    ثامناً: نجح الإستدراج الأميركي.. فبعدما حُوّل العراق من عماد للعرب إلى عتاد في الحرب الورقية بين إيران والولايات المتحدة، نجده اليوم ولّاداً للمشهد العربي الجديد والواجب التعميم والتكريس: إنّه مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، أي على مستوى الملوك والأمراء والسلاطين والرؤساء..

    هنا اكتمل المشهد، بغياب الكبار من القادة العرب. فالشجاع الرجل صدّام حسين، والخطير الرجل معمّر القذّافي والرافع للاءات بوجه فرض وفرضية الإستسلام لإسرائيل بشّار الأسد، يجب استئصالهم من القاعة ليحدث التوازن في الوزن بين البقية.

    هكذا فقط يتساوى التصوّر بين مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين ومجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية ومجلس جامعة الدول العربية على مستوى القادة.

    فخير الأمور أوسطها ومنصفها المرزوق رعاية لأشجار زيتون وبعض المُدِرّات حليباً أكثر فائدة من نفط لا نحتاجه، فليأخذه الأميركيون ثمناً لمساعدتنا في اقتلاع أسود الغابات.

    تاسعاً: وتبقى.. النتيجة الأنصع عاراً، وهي أنّ الثورة العربية، إنْ أسميناها ثورة، قد خانت نفسها وناقضت قيمها وعضّت ثدي أمها.

    وهنا.. هنا فقط، دعونا نقوم بمراجعة منطقية موضوعية نستحضر معها التاريخ العالمي الثوري، لنقارن قيم وسلوكيات الثورات القديمة مع قيم وسلوكيات ثوراتنا العربية الراهنة والمرهونة.

    لكن ومن باب الإستطراد، دعونا بداية أنْ نتفق سوياً على حقيقة أنّه إذا كانت أرض العرب هي منبع ومنبت الرسالات السماوية، إلّا أنّها بالتأكيد لم تكن منبع الثورات الأرضية يوماً.

    ومن يجادل بالقول أنّ الإسلام هو أوّل من أتى بأوّل ثورة على الجهل وعبادة الأصنام والأوثان، فاستكمال الحقيقة يستدعي القول أنّ المسلمين الأوائل، صحيح أنّهم دمّروا الأصنام والأوثان إلّا أنّ هدفهم لم يكن الإسراع في التخلّص من أبي جهل وحليفه وأبي لهب وامرأته حمّالة الحطب، وإنّما كان الهدف متمثّلا في دعوتهما بالتي هي أحسن للعدول عن مساراتهما الظلمية والدخول في المسار الجديد حيث النور يجب أنْ يَجُبَّ الظلمات.

    وعندما مانع حزب أبي جهل وأبي لهب في الدخول إلى الإسلام وفقد غالبية مريديه ومناصريه وأتباعه الذين إنضووا تحت راية الدين الجديد الحنيف إيماناً لا كرها، كان القتال الشريف هو الحكم، ومن رَحِم تفاصيل هذا القتال وُلِد للإنسانية شرف وقيم الحرب، فلا تقطعوا شجرةً ولا تقتلوا «الأسير».

    الغرب فهم هذه القيم، وتشكلت الحضارة الغربية منها، فكانت هذه القيم شعلة مضيئة في تاريخ العلاقة بين المرؤوس الثائر والرئيس المُثار عليه وضده في بلاد الصليبيين المسمّاة اختصاراً بالناتو اليوم.

    وإذا ما عدنا إلى التاريخ وقفزنا مئات السنين إلى الوراء حيث عصر الثورات الأوروبية المجيدة على ملوك الظلم الذين تجاوز طغيانهم كل طغيان ووصل إلى حدّ إدعاء الألوهية، هناك في ذلك الزمن البعيد، ما كان همّ شعوب اوروبا القديمة إذلال ملوكها والتشفي منهم والتمثيل بأجسادهم الحيّة لحظة انتصار ثورة وتالياً تحقيق الإنتصار، لا بل إنّ غير ملك بقي على عرشه ملكاً رغم نجاح غير ثورة؛ بقي لأنّ ثوار اوروبا قالوا له: إنتهى زمن الطغيان وها هي القوانين واللوائح والأنظمة التي عليك أن تحكم بموجبها. وبالطبع لم يكن أمام هذا الملك البريطاني أو ذاك الأوروبي إلّا الإنصياع والحكم بما أُنزل عليه من وحي الشعوب الثائرة.

    أكثر من ذلك، ففي الحالات التي أُزيح فيها أجداد ساركوزي وهولاند من الطغاة القدماء عن عروش ملكهم، كانت الثورة تُسارع لتضع أبجديات الزمن القادم، وهي الأبجديات التي لم نزل نتثقف نحن العرب بها وننهل منها حتى يومنا هذا وسنظل..

    هنا يحق لنا أنْ نسأل كلنا: ما هي الأبجديات التي وضعتها الثورات العربية لتطوي بها صفحة من صفحات الماضي الذي تعتبره أسودَ وما ثارت عليه إلّا لأنّها اعتبرته كذلك؟ فليدلّونا على وثيقة ديمقراطية واحدة أنتجتها ثورة عربية من الثورات الجدد.. لن يجاوب أحد.

    بالطبع لا يعود هذا الفراغ إلى خلو الثورات العربية من رمز أو قائد أو مرشد، فثورات اوروبا القديمة كانت تعيش هذا الخلو أيضاً..

    يعود هذا الفراغ إذن إلى خلو الثورات من ثقافة بناء الوطن وشيوع ثقافة التشفي واقتناص الفرص وسدّ جوع الحرمان من السلطة والحكم خصوصاً عند أولئك الذين تعاطوا مع الثورة كتكتيك لا كغاية، فنجدهم متبخرين لحظة اندلاع الثورة ولحظات سيرورتها، لنجدهم بعد ذلك متبخترين ومتشدقين بالقول: «نحن الأكثرية».. علماً أنّ الذي أشعل الثورة العربية بمجملها، أقله من حيث الشكل، هو رجل حرّضته كرامته على الثورة وليس حبه للسلطة، فحرق نفسه.. فكان مرشداً أعلى لكل الإسلاميين الذين اتخذوا من السلطة رشدا.

    الإسلاميون نجحوا في انتخابات ما بعد الثورة، هذا صحيح ولا غبار عليه.. لكنهم نجحوا بالنصف زائد واحد، أما مرسي فنجح بالربع وعشيرة، فكيف ستكون علاقة هؤلاء مع النصف الآخر ناقص واحد ومع الثلاثة ارباع دون فلسطين؟.

    عندما نتحدث عن بناء دولة لمجتمع ما بعد الثورة، فهذا يعني أنّ الشعب الثائر بأكمله يجب أنْ يكون متوافقاً على جدول أعمال ما بعد الثورة، أي على المفاهيم الكبرى المرتبطة بقيادة الوطن إلى برّ الأمان لعقود آتية، لكن كيف يمكن أنْ يحصل ذلك في بلاد الإسلام السياسي حيث الآخر يجب أنْ يكون محكوماً بقوّة الشرع والدين.. والسلاح أيضاً.
    هنا يبدأ التحضير لثورة جديدة نجدها قد بزغ فجرها وبدأت قبل أنْ تُنزل الثورة جنينها بسلام وأمان.
    وهنا يكون السؤال حلالاً: فماذا حصل في أرض الكنانة بالأمس؟.

    مَنْ تظاهر ضدّ مَنْ وقد نجحت الثورة وفق قول الثوريين؟ لماذا الثورة الجديدة على الجيش الذي لولاه ما نجحت الثورة؟ فحياده الإيجابي هو من أطاح بالرئيس مبارك وليس حناجر الثائرين؟.

    لماذا الحرب الباردة بين الجيش المصري والإخوان المسلمين وقد تسخّنت قليلاً في العباسية وأدت إلى مقتل العشرات وجرح المئات من المصريين، وفجأة يقول الإخوان إنّه لا دخل لهم في ثورة العبّاسية لكنّهم يحملون مسؤولية قتلى العباسية للجيش المصري والحكومة المصرية.. وكأنّما الذي حرّض على أحداث العبّاسية هو العبّاس وليس العابثين والعابسين بثورة مصر؟.

    منذ متى يُحمّل المصريون جيشهم مسؤولية سفك دمهم وهو الجيش الذي لطالما رفع به المصريون رأسهم منذ ما قبل العبور المجيد وبعده؟.

    عاشراً: إذا ما سلّمنا جدلاً أنّ الثورات العربية هي من وحي المناسبات، أي من وحي مناسبات الأوجاع العربية المستوحاة أصلاً من قهر وفتك وظلم لطالما عشعش في بواطن الشعوب العربية منذ عشرات السنين نتيجة السياسات والممارسات الرعناء التي تمادت النظم السياسية العربية في إنزالها بحق شعوب العرب، فكانت هذه البواطن بمثابة السلعة أو الضالة الثمينة التي وجدها المتربّصون شراً ببواطن الأرض العربية تصلح للتوظيف والإستثمار، إلّا أنّ عدم بزوغ فجر عربي في دول عربية محدّدة بعينها يفترض أو يجب أنْ يكون المنطلق الثوري متفجراً منها وليس من غيرها ولا من جاراتها، هو أمر يجدر التوقف عنده ملياً أو قليلاً..
    هنا نرمي جانباً الحديث عن دول الخليج العربي النفطية، التي لا يمكن أنْ تحدث فيها ثورات إلّا عندما يقرّر المُحرِّك الأميركي، ووحده الأميركي، ذلك.. وهو أكثر ما يقتدر عليه ويقتدر.

    لكن يتشفع لملوك وأمراء وسلاطين الخليج العربي وفرة النقود والسيولة المالية وغير
    المالية وهي الوفرة غير المتوفرة في العدد الأكبر من الدول التي شهدت ثورة.

    لكن هنا أيضاً دعونا نطرح بعض الأسئلة:

    إذا كانت الولايات المتحدة قد رفعت راية أو شعار مكافحة الإرهاب عالياً لتنطلق به ومنه لتشنّ حروباتها وعدوانتها الهادفة لكل شيء إلّا لمكافحة الإرهاب الذي تضاعف نتيجة هذه الحروبات فكان شيوع الإرهاب هو مردودها الأول، فما هي الدواعي التي دفعت بعض الدول العربية لتكون ملكاً أكثر من الملك الأميركي في ملف مكافحة الإرهاب؟.

    لماذا تريد المملكة العربية السعودية أنْ تكافح الإرهاب وهل هي مستهدفة من الإرهاب أم أنّ القواعد الأميركية المتربعة على أراضيها هي المستهدف من إرهاب أسامة بن لادن المموَّت إرهاباً واستطراداً؟.

    واستطراداً من باب اللزوم والتلازم، كيف يمكن أنْ نفهم التصريحات النووية التي أطلقها جنرال دبي ضاحي خلفان تميم عندما طعن بالثورات العربية بتحذيره من مؤامرة رأس جسرها الإسلاميون؟.

    انطلاقاً من مخاوف الشيخ تميم، دعونا نتأمّل في هذه المقاربة المفارقة والمثيرة لكمٍّ هائل من علامات التعجب.. ففي البلاد العربية التي نجحت فيها الثورة وحصلت من بعدها الإنتخابات، حصد الإسلاميون على اختلافهم ومخلّفاتهم حصة الأسد.. لكن في الكويت حصد الإسلاميون هذه الحصة دونما ثورة.
    إذن لا مشكلة البتة بين الإسلاميين وبين السلالة الحاكمة في الكويت.. بالتأكيد هذا ليس صحيحاً، فالصحيح هو أنّ الإسلاميين في الكويت يوافقون مرغمين على كوتتهم، فالخطوط الحمراء وضعها الأميريكيون وهم مرغمون على الإنصياع لها.

    عمّموا الخاص من الكويت إذن، فالشعوب الخليجية خارج اللعبة نهائياً. إنّها أولى نتائج الثورات العربية المغيبة في الإعلام بكل أشكاله..

    وحتى السيّد نصر الله الذي هو أكثر من له مصلحة في تفجير هذه المقاربة نجده يبتعد عن لظاها وحممها.. بالطبع ليس لأنّه لا يدركها فهو بالتأكيد يدركها ويدركها جيداً، وإنّما لأنّ التقيّة السياسية التي يمارسها الإيرانيون وحلفاؤهم مع الإسلام السياسي السنّي من جهة، وعدم استخدام الإيرانيين لكل أوراقهم في نزاعهم البارد مع الأميركيين من جهة أخرى، أمر يستدعي تناسي هذا الموضوع.

    وربما أنّ هذا الموضوع هو ما دفع الإيرانيين إلى تمجيد ومباركة الثورة الأطلسية على جماهيرية القذّافي، فالإيرانيون يعرفون بامتياز أنّ الإسلام السياسي السنّي هو من شكّل رأس الحربة في المعركة البريّة بين «كتائب القذّافي» ورافضيه الجدد..

    هنا غابت شمس فارس وأشرقت شمس داحس التي لشدّة سطوع غبرائها قد يكون مشروع المدّ الإيراني أول المحترقين بها لكن ليس بالضرورة من الجزر الإماراتية الثلاث.
    إسألوا سوريا.
    ألهذا السبب أعاد العقيد القذّافي الموقف الإيراني منه لحظةِ وَضَعه الأميركيون والعرب في المفرمة إلى التقيّة والباطنية الشيعية التي ما عادت حكراً على الشيعة في زمن الخراف العربي؟.

    وبالعودة إلى الأصل والأصول، نستحضر دولة المغرب التي تحمل في طياتها بذور ألف ثورة وثورة، لكنّنا نجد أيضاً أنّ الإسلام السياسي السنّي تسلّق سلّم الحكم دون بدء بينة ثورة حتى..
    لنسجّل اذن الحقيقة الناطقة بأنّ العامل الإقتصادي كان غائباً بشكل مطلق لا مغيباً، عن لائحة محرّضات التثوير، ومن يجادل بغير ذلك فليسأل المرأة المغربية أيضاً، دون الإكتفاء بسؤال المرأة التونسية.

    هذه هي الحقائق العشر التي أنتجتها الثورات العربية قبل أنْ تنتج ما أملته وانتظرته الشعوب العربية من أزهار ربيع لم يزهر بعد، فهل تصلح هذه الحقائق أنْ تكون «مثابةً» لــــ «وصايا عشر» يحمل غيفارا عربيٌ ما لاءاتها ليوقد ثورة عربية حقيقية في كل أرض العرب، تكون خميرة حقيقية لهدف العرب الأول المتمثّل بــــ «الوطن العربي الكبير» أو «الولايات المتحدة العربية»؟.

    ذلك أنّ ثورات عربية لا تخلع الحدود بين الدويلات العربية وتأخذ من مال الخليجي لتعطيه للمحتاج السوداني والمصري والسوري ليست بثورة.

    ما حصل في ليبيا أيضاً ليس بثورة، لكن لماذا؟ هل لأنّ المشتركات الإقتصادية والسياسية في دول عربية لم تحصل فيها ثورات تسقط نفسها على المشهد الليبي أم للقضية أبعادها الخاصة؟.

    لقد توسّعنا في سبر غور هذه المسألة في صلب الكتاب، أمّا ونحن في خضم ختمه، فللمسألة مقاربة أخرى يجب تناولها بدقة وموضوعية.

    ما حصل في ليبيا يشبه من حيث المضمون لا الشكل ما سبق وحصل في العراق عام 2003.

    وإنّنا إذ نحذف المشترك الشكلي فذلك لأنّ ما حصل في ليبيا يشكل سابقة لم تعرفها البشرية منذ الأزل، وقد توسّعنا في ذلك أيضاً في مضمون الكتاب وتفريعاته.

    وبالعودة إلى المضمون المشترك بين البلدين، نقول بأنّ البلدين قد تعرّضا لحرب جوية أطلسية أميركية غربية، ولحرب برية من الداخل إنبرت لها ميليشيات مسلحة. فمثلما وجد الأميركيون في العراق أجنحتهم البرية التي خانت الوطن ورفعت السلاح بوجه الرئيس الراحل صدّام حسين، وجد الأميركيون ومن لفّ لَفّهم في ليبيا أجنحتهم البرية التي ارتكبت فعلاتها بحقّ الوطن فأضحى أكثر من متمزق بشهادة كل زنقة من زنقاته حيث وَلّيْتَ وجهك شطر مدينة ما، لكن.

    لكن رغم كل ما حصل في العراق، كان للمقاومة أنْ تنشأ وبقيت لثلاث سنوات وأكثر اللاعب الأقوى في المسرح العراقي ونجحت في أنْ تفجِّر المشروع الإمبراطوري الأميركي في العراق ومنه انطلاقاً وصعوداً. المقاومة التي كان من أبرز تداعياتها، نعم تداعياتها، الإستملاك السياسي الإيراني للعراق العربي من دون قيد أو شرط. لكنّها المقاومة التي أجبرت الأميركيين في غفلة عن المُراد الرئيس وهو تحرير العراق من المحتل، أجبرتهم على الركون الشرطي للمتطلبات الإيرانية في العراق ومنه وعبره في المنطقة.

    وبعيداً عن التداعيات والإنجازات السياسية للمقاومة العراقية، فالذي يجب ذكره وتسليط الضوء عليه ونحن في حضرة المقاربة الليبية للموضوع العراقي، هو أنّ هناك مقاومة عراقية نشأت في العراق بسرعة البرق واحتلت الميدان وأضحت الفاعل الأول فقلّمت أظافر اليد الأميركية التي أُريد لها أنْ تمتد إلى سوريا وتالياً إلى إيران، فبقيت مشلولة غير قادرة على تنفيذ خريطة الرسّام الأميركي.

    ليبيا اليوم ومنذ أشهر، تعيش وجهاً آخر جديداً للإحتلال. نعم قد لا يوجد قوات برية أطلسية واضحة وصريحة على الأراضي الليبية، لكن يوجد مشروع أطلسي في ليبيا له أدواته ومرتكزاته الكاملة المتمثلة بركني الإحتلال، فهناك المجاميع العسكرية التي إستخدمها الأطلسي للمساهمة في الإطاحة بالشرعية الليبية، وهناك مجلس الحكم الإنتقالي الذي يعكس المُرادات الستراتيجية للغرب في ليبيا.

    ليبيا محتلة من الأجنبي إذن، وفق نمط جديد للإحتلال. وطالما أنّها محتلة فهذا يعني أنّ سُنّة التاريخ ستسري عليها، فالمقاومة العسكرية لا بدّ ستنشأ في ليبيا طالَ الزمانُ أم قصُر. وما يتحكّم في بلورة نشوئها وانطلاقتها كأختها العراقية، هو الظروف التي تعيشها ليبيا، فأهل ليبيا أدرى بشعابها، لكنّ المقاومة ستنطلق بعنوان واضح وتحت مسمّى واضح، على أساسه سيتم الفرز المجتمعي الليبي وعلى أساسه ستبدأ المرحلة الإنتقالية الحقيقية لهذا البلد العربي.

    المقاومة في ليبيا، لا شكّ هي أكبر من القذّافية القبلية لا بل من القذّافية السياسية، فهي الإطار الكبير الجامع الذي يضم أبناءً وتيارات من الوطن يكتشفون يوماً بعد يوم أنّ بواطن ترابهم باتت في قبضة محتل، ما شنّ حرباً على وطنهم إلّا لنهب كنوز هذه البواطن كهدف أول، ولتفتيت الوحدة الترابية للوطن كهدف ثان مواز ومتلازم.

    فكل المسمّيات التي شهدتها ليبيا الجديدة من الفدرلة إلى التقسيم إلى حقوق الأقليات إلى تعويم الجغرافيا الثلاثية القديمة وغيرها، ما هي إلّا تعابير وانعكاسات لمشاريع الإحتلال الأجنبي، فهذه التسميات نفسها سبق وأسقطت وتساقطت في عراق ما بعد صدّام الوحدة الترابية.

    وبالرغم من أنّ المقاومة المنتظرة في ليبيا هي في المبدأ أكبر من القذّافية السياسية ومن القذّافية القبلية مثلها مثل المقاومة العراقية التي كانت أكبر من البعثية السياسية والصدّامية العشائرية، حيث أنّ البعث العراقي لم يكن إلّا جزءاً من كُلٍّ مقُاوِمٍ وإنْ كان هذا الكل قد اتّسم بلون مذهبي واحد في الإجمال والإحصاء العام، إلّا أنّ الواقع السياسي الليبي الراهن والتركيبة المجتمعية الليبية من جهة، وما ينبثق عن هذا الواقع وتلك التركيبة من جهة أخرى، هي مسائل تستوجب أخذها جيداً بعين النظر والإعتبار عند البحث عن الأطر التي من الأجدى أنْ تتشكل بها ومنها ومن خلالها الشرارات الأولى للمقاومة الليبية.

    هنا علينا البحث عن ما تبقى من الرجالات السياسية والعسكرية التي يمكن أنْ تعبئ جماهير ليبية حسمت أمرها في سلوك مسلك المقاومة وتنتظر تبلور الإطار.

    علينا الإنطلاق إذن من أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين لم يتبقَّ منهم من يقدر على رفع راية المقاومة إلّا الفريق الخويلدي الحميدي بعد مقتل قائده العقيد معمّر القذّافي ورفيقه وزير الدفاع أبو بكر يونس جابر وبعد أن وضع الرائد عبد السلام جلّود نفسه بتصرّف الناتو بدون أنْ ننسى حذف مصطفى الخرّوبي من المعادلة بعدما وضع نفسه بدوره بتصرّف البراغماتية.

    ودون أدنى شك، فإنّ كل المحطّات التي عاشها الخويلدي الحميدي منذ حرب الناتو على بلاده وحتى هذه اللحظة تعكس جدارته في رفع راية المقاومة، فطيلة الحرب كان في موقعه يقوم بواجباته في الدفاع عن ليبيا ومقاومة المعتدي، وهو ما دفع طائرات وصواريخ الأطلسي إلى استهداف منزله المدني ومنازل أسرته حيث قُتل العديد من أفراد أسرته ولتبقى مجزرة «صرمان» ببشاعتها شاهداً حياً على وحشية استهداف الناتو للمدنيين، ورغم الإستهداف ازدادت شراسة هذا الرجل ليستبسل أكثر في حقده على الناتو، فلم يتراجع ولم يستسلم لمنطق البراغماتية.
    ومؤخراً انبرى هذا الرجل ليؤسّس مع مجموعات من رفاقه حركة سياسية معارضة للواقع الإحتلالي في ليبيا وهو ما يعكس نيته في إكمال مسيرة التحدي والصمود، لكن إلى أي مدى تشكّل المقاومة عنواناً رئيساً في برنامج هذه الحركة الوليد؟.

    وعلى أيّة حال، فإذا كان اندلاع أو انطلاق المقاومة الليبية هو الحقيقة التي تتحضر لها ليبيا في المرحلة القادمة والتي هي في طور التبلور، فالحقيقة الثانية التي يفرضها المنطق هو أنّ ليبيا تعيش على ضفاف حرب أهلية وُلدت من رحم الثورة.

    هنا دعوني أسلّم جدلاً بأنّ ما حصل في ليبيا هو ثورة.. ثورة على نظام مستبد ظالم، لكن لو أجمعت الكرة الأرضية كلها، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، ولو ردّدت وسائل الإعلام ليل نهار وأجمعت على أنّ ما حصل في ليبيا هو ثورة، ولو أجمع الشيعة والسُنّة، العرب والفرس، الشرق والغرب، المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والملحد على أنّ ما حصل في ليبيا هو ثورة، فهذا لا يُقدم ولا يُؤخر في نظرة الليبيين لما حصل وحلّ في بلدهم. فالإعتراف بالثورة لا يلغي جذرية الثأر المنغرسة في عمقِ ودفينةِ الليبي، والإعتراف بالثورة لا يلغي شعوراً هائلاً وخطيراً بنقمة وحقد تعيشهما شرائح واسعة من الليبيين، والإعتراف بالثورة لا يمكن أن يجعل ليبيين مجروحين جروحاً بليغة في الإحساس والجسد في موقع المتنازلين عن حق. وعَدِّدْ ما شئت.

    وإنّنا إذ نقول هذا الكلام انطلاقاً من موقع العارف ببواطن المجتمع الليبي، فإنّ الأحداث الأمنية والعسكرية التي عاشتها ليبيا بعد سقوط النظام الأخضر، رسمت الخط البنياني، لا البياني، الأحمر لمستقبل ليبيا القريب وبالدم الأحمر. فهل أنّ المواجهات العسكرية المتقطعة التي حصلت في كل أصقاع ليبيا طيلة مرحلة ما بعد القذّافي وبشكل شبه يومي، بين الإثنيات والقوميات وتناقضات القبائل والمعتقدات السياسية والفكرية، توضع في إطار ردّات الفعل الصغيرة التي أخمدت نفسها بنفسها أم توضع في إطار رسم ملامح المستقبل الليبي، حيث منطق الغلبة والإستئثار والخوف من سيطرة الآخر وتصفياته، هو الذي يسود ولا يسود غيره؟.

    أخذ القسم الأكبر من السوريين العبرة من مصير العراق وليبيا إذن، فحصلت الربع ثورة، مثلما سبق وأخذ الرئيس السوري العبرة من بنغازي، فافترشت القوات السورية مدينة درعا في بداية الربع ساعة الأولى من ربع ثورة حصلت، فباتت الثورات العربية بأكملها الناجحة منها والفاشلة تعيش «ربع مصير».
    إنّه الربع المتمثّل بالإطاحة برأس نظام وبتربعُّ الإسلام السياسي على «مربّعات سلطة» أشبه بالمربّعات الأمنية في لبنان، لكن ماذا عن الثلاثة أرباع الباقية لمصير الثورات العربية؟ وهل يجب أنْ ينتقل الحديث إلى مصير العرب والبلدان العربية أمْ يبقى الحديث مختصراً على مصير الثورات العربية؟ وهل من علاقة حتمية بين مصير الثورات العربية ومصير أوطان العرب؟.

    بالتأكيد ليس هناك من علاقة حتمية بين الثورات العربية وبين مصير أوطان العرب، بدليل أنّ أولى تداعيات الثورات العربية تمثلت بخطوة مجلس التعاون الخليجي غير المتوقعة بضم كل من المغرب والأردن كمملكتين إلى عضوية إطار عربي يجمع الداعيَ والمدعوَّ. هو الضمّ لأجل الفرز لا شكّ، وكأنّما المشهد أراد أنْ يقول حينها، بأنّ عقد العرب قد اكتمل، فلنفصل بين الدول التي حصلت فيها ثورات وبين الدول التي لا تحتاج إلى ثورات، وهذه كذبة أنجز تفنيدها. لكن أيّاً تكن الأهداف من وراء عملية الفرز والضم هذه، فالنتيجة الصارخة التي تولّدت يومها أفادت بأنّ الوطن العربي أصبح له أمنان قوميان؛ فالأمن القومي للدول ذات الثورة مختلف تماماً عن الأمن القومي للدول ذات الثروة.

    الولايات المتحدة هي من قام بهذا الفرز إذن، وليس استشراف دول الخليج العربي لماهية الأمن القومي الجديد لها.. قامت بها الولايات المتحدة لتقول لكل من يهمه الأمر بأنّ دول مجلس التعاون الخليجي + 2؛ أي الأردن والمغرب، ممنوع الإقتراب من أنظمتها في المرحلة الراهنة، واللعب على المكشوف سيكون في باقي بقاع الأرض العربية.

    وما يصدِّق ذلك هو سماح الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية بإيلاج درع الجزيرة في الرحم الإيراني الثاني، دون أنْ تستطيع إيران ردّ الصاع بمثله، لإدراكها أنّ الخطوة السعودية هي خطوة أميركية إستدراكية، إنْ ردّت عليها ستكون إيران في الدرك الأسفل من النار، لكن أي نار؟.

    الحديث عن نار جهنّم ما زال ترفاً في الستراتيجيات الدولية والإقليمية، بشهادة الإنعطافات الشديدة للإسلاميين الجهاديين والسلفيين السلميين والإخوانيين الماضين قطبة قطبة مع القطب الأوحد في العالم الدولي.
    والله يسأل عباده عن سلوكياتهم الشخصية لا الجماعية التي تقتضيها المصالح السياسية وفق ما يقول أحد الإسلاميين ويبرّر تبريراً منيرا لكل من أراد من المسلمين أنْ يستنيرا، فلا بأس إنْ وليتم وجوهكم شطر القوي الحليف فهو اليوم صوبنا مستديرا.

    وتأتي الصفعة القوية على وجه الإسلام السياسي من الشعب الجزائري الذي وحده في العالم العربي من بين الشعوب العربية من يصلح لتحديد التوجه الحقيقي للوجدان العربي، على حدّ قول الجزائريين، فهناك، في بلد المليون ونصف مليون ثوري شهيد، رفع الشعب البطاقة الحمراء بوجه حاملي لواء الإنقاذ، لينقذ الجزائريون أنفسهم بأنفسهم من دون جرافات النفاق الزاحفة لإغراقهم لا لإنقاذهم كما أفادني مثقف جزائري مستقل.

    وبخلاف من يقول بأنّ الإنتخابات الجزائرية العامة تحتاج إلى دراسة وبحث متأنيين، أعتقد كما يعتقد كثيرون، أنّ نتيجة الإنتخابات الجزائرية، كانت أكثر من طبيعية وأكثر من منطقية، ليس لأنّها متصالحة مع مقدّمات كتابنا ومع التحليلات التي توقفت عندها صفحاته وسطوره، وإنّما لأنّ حبل الكذب قصير وآن له أنْ يُقطع بالمقصّ الجزائري القاطع.

    فلقد شاهد الجزائريون مضامين التحالف غير المتوازن سياسياً ودينياً بين الإسلام السياسي وبين الأميركيين، فشاهدوا كيف دمّر هذا التحالف ليبيا خاصرة الجزائر التي أريد لها أن تكون رخوة، وشاهدوا كيف يعمل هذا التحالف على كسر سوريا وفتفتة عظامها، وشاهدوا قبل ذلك تحالف البيكيني وراشد الغنوشي، فقالوا كلمتهم ومشوا.

    انضمّ الجزائريون إذن إلى الثلاثة أرباع ثورة الخالي فملأوه، ليبدأ الصامتون من الشعوب العربية وهم الأغلبية، بترسيخ قناعاتهم باللاثورة وتأكيد صحة خيارهم المحايد، وليبدأ في ضوء ذلك الحكّام الجدد في بلاد الثورات العربية ارتكاب الأخطاء للحفاظ على مكتسبات سلطوية دفعوا لأجلها كل مصداقياتهم.

    ومن هذا المنطلق ستبدأ الأمور والأحوال في بلاد الثورات العربية بالإتجاه إلى الأسوأ، سيما أنّ الإنتخابات الجزائرية قد أخرجت الجميع من كوما التثوير وفرضت جدول أعمال آخر، من الصعب التكهن بنتائجه وتداعياته..

    وانطلاقاً من كل الشروحات التي قدّمها هذا الكتاب حول ماهيات وخلفيات وبواعث ومحرّضات وعيوب وهشاشة الربيع العربي، وانطلاقاً من الصراعات الدولية المتجسّدة أساساً في الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة وروسيا والصين المزودتين ببطاريات تكتل «البريكس» الذي يضم الدول الصاعدة والباحثة عن دور استراتيجي في الساحة الدولية من جهة أخرى، وانطلاقاً من الصراعات الإقليمية المتمثلة أساساً في الصراع بين الولايات المتحدة وأتباعها من دول عربية وإسلامية وعلى رأسها السعودية وتركيا من جهة وبين إيران وحلفائها وعلى رأسهم سوريا من جهة ثانية، يمكن القول أنّ النتائج السياسية بعيدة المدى التي أريد من الربيع العربي إحداثها أضحت المخاطر تتهدّدها من كل حدب وصوب، وكانت إفرازات الإستفتاء الجزائري على حكم الإسلاميين هي بداية هذه المخاطر، التي ستزداد حتماً فيما لو استطاع التحالف السوري الإيراني أنْ يفكّ حبال المشنقة الملتفّة على رقبته.

    ذلك أنّ نجاح النظام في سوريا في التخلص ممن يعتبرهم وباءاً يعمل على أنْ يُستشرى في الجسد السوري فيودي بسوريا الدولة إلى التهلكة بعد التمزّق والتفتّت، لا شكّ سيشكل الضربة الثانية التي ستُصاب بها الإسلاموية السياسية في الوطن العربي، سيّما أنّ القضاء على فلول الإسلاميين في سوريا سيؤدي بطبيعة الحال إلى القضاء عليهم في لبنان برعاية الجيش اللبناني وحزب الله الذي ما زال الأقوى دون منازع على الساحة اللبنانية.

    وإذا ما أخذنا بعين الحسم أنّ دول مجلس التعاون الخليجي + 2، هو تكتل كارِهٌ أساساً للربيع العربي رغم أنّه مُحيّد من جدول أعماله بإرادة أميركية لا أكثر، فهكذا، تبقى تونس ومصر وليبيا هي الدول العربية الوحيدة التي تعاني من وطأة الفوضى التي أرخى الربيع العربي بظلاله عليها. ولمّا كانت تونس خارج الحسابات في لعبة الشطرنج الدولية لأسباب لا يجهلها أحد؛ ولمّا كانت ليبيا منذ سقوط شرعيتها بمؤامرة دولية عربية إسلامية رعاها مخرج سقط من عرشٍ أعلى وحتى اليوم وستبقى تعيش المجهول الذي لا يمكن لأحد أنْ يعول عليه، بسبب غياب نقيض الواقع الجديد حتى اللحظة والذي لن يكون غيابه طويلاً، فتعود لعبة تفجير حقول النفط واشتعال الأرض على المنوال العراقي بعد الإحتلال، تبقى مصر والبحرين تختصران حتى اللحظة حقيقة الثورة واللاثورة، فما حصل في مصر هو ثورة بعين بعض العرب والشرق أوسطيين مثل إيران وتركيا، أمّا ما حصل في البحرين ويستمر في حصوله هو ثورة في العين الإيرانية والشيعية وليس بثورة في عيون عرب الخلجان.

    هذه الإزدواجية في النظر إلى الحراكات الشعبية العربية بين النظر بعين الثورة والنظر بعين المؤامرة، فيكون مصطلح الثورة بمثابة وجهة نظر بخلفية سياسية مصلحية، هي نفسها الإزدواجية في المصير الذي تنتظره ثمار الثورات العربية:

    فهل ستنجو سوريا وتتجاوز لعنتها، وهل ستنجو إيران بفعل قوتها؟ عند ذاك تعود الأمور في كامل منطقة الشرق الأوسط إلى نقطة الصفر.

    هل ستسقط سوريا؟ هل ستُضرب إيران؟ عند ذاك على الروس والصينيين الإنطلاق من الصفر.

    لكن في كلتا الحالتين لن تستمر نشوة الإسلام السياسي، فهم كمثل رداء ما يستخدم لمرّة واحدة، ولجولة عشق واحدة.. ثم يرمى.

    المصدر http://alichendeb.blogspot.com/
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    لا يوجد حالياً أي تعليق


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 4:40 am