منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم  "الفصل الأول"  (( أسرار القبضة الحديدية )) 2622214386 القذافي يتكلم  "الفصل الأول"  (( أسرار القبضة الحديدية )) 4247595835 lol!

منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم  "الفصل الأول"  (( أسرار القبضة الحديدية )) 2622214386 القذافي يتكلم  "الفصل الأول"  (( أسرار القبضة الحديدية )) 4247595835 lol!

              " إن الطريق شاق و طويل و سوف يسقط كل من يدعي الثورية ، و لن يبقى في الميدان إلا الثوريون الحقيقيون الذين أمنوا بمبادئ الثورة و عقيدتها " .. قائد الثورة
               " إن عصر الجماهير وهو يزحف حثيثاً نحونا بعد عصر الجمهوريات يلهب المشاعر .. و يبهر الأبصار . و لكنه بقدر ما يبشر به من حرية حقيقية للجماهير ..و انعتاق سعيد من قيود أدوات الحكم .. فهو ينذر بمجئ عصر الفوضى و الغوغائية من بعده ، ان لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب .. و تعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب"  .. قائد الثورة
               " إلى الذين لم يفسدهم النفط .. الذين هم أغلى من أن يزج بهم في معارك ليست واجبة .. إلى الذين أصالتهم أعمق من جذور الإقليمية .. و إرادتهم أقوى من إرادة الإستعمار الذي يريد لهم الفساد و يريد لهم الإنكفاء .. الذين أقدموا على التطوع بوعي و إرادة و شجاعة .. و أدركوا أن هذه هي المواجهة الحقة .. و أن هذا هو الموقف الصحيح من التاريخ "  .. قائد الثورة

    القذافي يتكلم "الفصل الأول" (( أسرار القبضة الحديدية ))

    بنتك يامعمر
    بنتك يامعمر
    عضو مميز
    عضو مميز

    التسجيل التسجيل : 29/04/2013
    مساهمة مساهمة : 359
    التقييم التقييم : 21
    الجنس الجنس : انثى

    البلد البلد : ليبيا
    12052013

    القذافي يتكلم  "الفصل الأول"  (( أسرار القبضة الحديدية )) Empty القذافي يتكلم "الفصل الأول" (( أسرار القبضة الحديدية ))

    مُساهمة من طرف بنتك يامعمر

    القذّافـي بين وهم وثورتين

    أسرار القبضة الحديدية


    عشر سنوات من العمل السري، تطلّبتها المرحلةُ التحضيرية لإنطلاق ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969، بدءاً من مدينة بنغازي التي سُميت بمدينة البيان الأول للثورة. وكأنّ قدر هذه المدينة أنْ تكون ولّادة الثورات والتمرّدات بغض النظر عن الخلفيّات والمرامي والأبعاد.

    عشرسنوات استغرقها معمّر القذّافي ورفاقه في مجلس قيادة الثورة، وفي الخلايا المدنية الأولى، وحركة الضباط الوحدويين الأحرار، لإنجاز ثورتهم. ثورة الفاتح التي اتخذت «القدس» كلمة سرّها، والتي يُسمّيها البعض انقلاباً ، أجهزت على حكم الملك إدريس السنوسي ومعه الملكيّة في ليبيا. لكنّها الثورة التي لم يسقط فيها قتلى ولم تُسفك فيها دماء. فلقد كان الليبيون مُجمِعين مع الضابط معمّر القذّافي على خلع الملكية السّنوسية وعلى جعل ثورتهم انقلاباً أبيض.

    ثمّة من قال بأنّ ليبيا تسير على إيقاع مصر، فالملكيّة في مصر تنتج ملكيّة في ليبيا، والثورة في مصر تنتج ثورة في ليبيا. إنّها عوامل الإرتباط التاريخي وعوامل الجغرافيا والديموغرافيا والدينوغرافيا بالإضافة إلى العوامل السياسية، التي جعلت من صوت العرب التي حرّكت مشاعر الناس ومواجعهم ساهمت في إعادة تشكيل وجدانهم المتصالح مع قضايا الأمّة في الحرية والتحرّر من نير الإستعمار بمختلف أشكاله؛ صوت العرب كانت صلة الوصل بين قائد ثورة 23 يوليو جمال عبد الناصر وبين جماهير الأمّة وشبابها المتحمِّس، والتي حلّت محلّها اليوم الفضائيات ووسائل التواصل الإنترناتي الإجتماعية.

    صحيحٌ أنّ عبد الناصر لم يكن يعلم بأسماء مجلس قيادة الثورة الليبية برئاسة معمّر القذافي قبيل إيفاده محمد حسنين هيكل للقائهم في ليبيا، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ ثوار الفاتح من سبتمبر جاهروا بولائهم لعبد الناصر وبأبوته لهم فقد كانت ثورة الفاتح بمثابة الإبن الشرعي لثورة 23 يوليو الناصرية. وعلى أساس هذا الولاء والإرتباط الروحي بجمال عبد الناصر وثورته حظيت ثورة الفاتح باحتضانها الواسع، ليس من الشعب الليبي فحسب، بل من جماهير الأمّة العربية وامتداداتها الإفريقية، خصوصاً وأنّ عبد الناصر يُعتبر أحد القادة التاريخيين لإفريقيا وأيضاً لمنظومة عدم الإنحياز.

    وهكذا فإن ثورة الفاتح حقّقت ثباتها واستمراريتها زمن المدّ القومي الذي أيقظه جمال عبد الناصر في جسد الأمّة المبتلاة فضلاً عن احتلال فلسطين بأشكال
    متنوِّعة من الإستعمار الأجنبي المباشر. لكنْ وبرحيل جمال عبد الناصر، شعر ثوّار الفاتح للتوّ بنوع من اليُتم السياسي، خصوصاً بعد تتويج عبد الناصر لقائد ثورة الفاتح العقيد معمّر القذّافي على عرش القومية العربية، ليقول للجماهير الليبية المحتشدة في بنغازي مدينة «الثورة»: «أترككم لأخي معمّر القذّافي الأمين على القومية العربية والأمين على الوحدة العربية من بعدي». خطاب عبد الناصر في بنغازي ألهب مشاعر الليبيين وحناجرهم التي ظلّت تردِّد
    لسنوات طويلة وخصوصاً في بنغازي، «عبد الناصر ساب وصية.. معمّر أمين القومية». إذن منذ زمن بعيد والليبيون يُردِّدون ويهتِفون لــــمُعمّر.

    خطاب التتويج والتطويب أو الوصيّة من عبد الناصر للقذّافي، ومن عبد الناصر لليبيين والعرب بزعامة القذّافي، خطاب فعل فِعلَه في الشارع الليبي والعربي والعالمي على السواء، وهو الخطاب الذي فتح الأبواب على مصاريعها أمام القذّافي وثوّار الفاتح الذين كان عليهم الالتزام ببوصلة فلسطين عبر احتضان العمل الفدائي والثورة الفلسطينية، في مرحلة ما بعد عبد الناصر، إلى أنْ كان الإصطدام الإعلامي والسياسي ومن ثمّ العسكري بأنور السادات الذي خاض حرب العبور، ثم وقَع في كامب ديفيد ليوقِّع الصلح مع «إسرائيل» العدو التاريخي للأمّة العربية، وليتربَّع على عرش الخيانة بعدما كان جالساً على كرسّي البطولة. إذن لا ينكر الليبيون ذلك. خيانة السادات، التي أخرجت مصر أم العرب من معادلة الصراع مع العدو المعروف اختصاراً بــــ «إسرائيل»، أرخت بظلالها على الواقع العربي، فانتشر الإحباط واليأس بعد الإنتكاسة الوجدانية الكبرى بغياب عبد الناصر؛ تلك الإنتكاسة التي أدمت قلب الأمة على موت زعيمها.

    هذه هي الظروف والأقدار والتحوّلات السياسية، التي وضعت هذا «البدوي» الطامح ورفاقه في ثورة الفاتح في فوّهة الأحداث الصاخبة والكبيرة، بدون أنْ يراكم مع رفاقه أيّاً من أنواع الخبرة والنضج السياسي والذاتي، فهم فتية لا يملكون غير الحماس الصادق والنيات الطيبة يومذاك؛ لكن هل النيات الطيبة والحماس يكفيان لإدارة مواجهة وصراع مع «إسرائيل»، ومع قوى عالمية ومع تركة إستعمارية، ومع حرب الشركات النفطية خصوصاً بعد التأميم، ومع تخلّف إجتماعي، ومع أمراض موروثة ومتوارثة، ومع أميّة منتشرة وجهل مستشر. أيضاً لا يُنكِر الليبيون ذلك.

    هذه الظروف والأنواء التي خطا معمّر القذّافي خطواته الأولى كرجل دولة وثورة في ظلّها؛ وفي ظلِّها كان عليه خوض معاركه على جبهتي التنمية والتطوير وبناء ليبيا في الداخل، واستمرار المسيرة على بوصلة عبد الناصر بعد رحيله، مع ما يعنيه ذلك من انخراط في مشروع المواجهة للسياسات الإمبريالية بل وتزعّمه لها، ومن ضمنها دعم واحتضان فصائل الثورة الفلسطينية في الخارج.

    كانت الجمهوريّة العربية الليبية طيلة السبع سنوات الأولى بعد ثورة الفاتح 1969، بمثابة الورشة الكاملة على شتّى المستويات، مُضافاً إليها وِراثة القذّافي لمرجعية التنظيمات والتيارات الناصرية والقومية، فكان الإتحادُ الإشتراكي العربي في ليبيا، إطاراً سياسياً ليبياً مستنسخاً عن الإتحاد الإشتراكي العربي في مصر، لكنّ النسخة الليبية لمْ تنجح في التحوّل إلى إطار مركزي على مستوى الأمّة يستوعب كل الهياكل والتنظيمات الناصريّة، بفعل التمايزات على اختلافها بين ناصرية ناصريي عبد الناصر ومناصريه، وبين ناصريّة القذّافي وثورييه، فهل من هنا بدأ التصدّع؟.

    عند هذا الحدّ، أراد القذّافي أنْ تكون له بصمته الخاصة وقيمته السياسية والفكرية المضافة التي تحوّلت إلى إيديولوجيا وفكر وتنظيماً وإدارة. ثم تطوّرت الأفكار واجتهدت المطابخ القذّافية وانطلقت الإجتماعات الفكرية والدراسات المعمّقة لإنتاج وصياغة نظرية سياسية لا تقوم على الإستنساخ والتقليد، بل على صياغة نظام حكم جديد يتجاوز فكرة الإنتخاب والديمقراطية السائدة، فذهب إلى الحدّ الأقصى الذي يقول بسلطة الشعب، فكان «الكتاب الأخضر» بفصوله الثلاثة، السياسية والإقتصادية والإجتماعية، بمثابة الحلّ غير المجرّب والمسبوق والذي قدّمه معمّر القذّافي لليبيا وشعبها. لكن لماذا وما هو الهدف وما هي المرامي؟.

    كان الثاني من مارس 1977، يوماً لإعلان ولادة سلطة الشعب في ليبيا التي تجاوزت الجمهورية والنظام الجمهوري، باتجاه «الجماهيرية» والنظام الجماهيري الذي لا رئيس له بحسب منطوق تأسيسه. هذا كان في النصّ، فماذا كان في الواقع؟.

    مع انطلاقة ليبيا كجماهيرية، انطلق السجال والجدل حول أفكار العقيد المثيرة أو الأفكار الجديدة التي أطلقها وتبنّاها العقيد الذي طرح نفسه مفكراً؛ وهي الأفكار التي كانت عرضة ومحلاً للهجوم والتشويه لاعتبارات سياسية، سببها المواقف السياسية للقذّافي من النظام العربي عامة والخليجي خاصة، وسببها أيضاً استهدافه الحركات الإسلامية من سلفية وإخوانية وغيرها على اعتبار أنّها حركات هدّامة متستّرة بالدين لأسباب وأهداف سياسية لا علاقة لها بالدين لا من قريب ولا من بعيد، بحسب القذّافي وحساباته. ولقد كان طبيعياً أنْ تناصبه تلك الحركات العداء وان تتربّص به شراً لا ثأراً منذ البداية، ووجد هذا التناصب وذاك التربص، كل منهما، تقاطعاته القوية مع أجندات عربية، فأثمرت تشويهات وتقزيمات مركّزة عبر بثّ ونشر وتسويق العبارة القاتلة والقائلة «أنّ القذّافي استبدل كتاب الله القرآن الكريم بالكتاب الأخضر» وهي العبارة السحرية التي انتشرت واعتمدها الإسلاميون والمتدينون على السواء، فتكاثرت الكراهية والتحريض على الرجل بشكل غير مسبوق، لكن رغم ذلك لم يتوقّف الليبيون عن ترداد هتاف «كل الروس فدا لراسك، يا معمّر نحنا حراسك».

    غير أنّ عملية الرصاص المصبوب على نظريّات القذّافي وأفكاره، لم تحُل دون اعتمادها، لا تطبيقها، رسمياً في بلاده، فقد انطلقت النظرية العالمية الثالثة لبلد من العالم الثالث، لتكون عماد الحكم في ليبيا. وبهدف تقديمها كنموذج برّاق ومنمّق، أنشأ القذّافي «المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر»؛ إنّه المركز الذي صاغ للكتاب الأخضر وصاحبه شبكة من العلاقات الواسعة مع مختلف الجامعات والمراكز الثقافية والفكرية حول العالم، فنظّم الندوات والمؤتمرات واستقطب أساتذة الجامعات والصحفيين والمفكرين مع أقلامهم حول العالم، العربي قبل الغربي.

    ليس هذا فقط، فقد دخلت مقولات من الكتاب الأخضر ضمن المنهاج التربوي الأكاديمي الليبي، بهدف تثقيف الناشئة والطلبة، فشُيّدت الأكاديميات والمعاهد
    الفكرية الهادفة لنشر فكر الكتاب الأخضر بين الشباب الليبي، واستُهِلّت كل نشرة إخبارية بفقرة أو جملة من الكتاب الأخضر، وزُينَت عناوين الصحف واللوحات الحائطية ولوحات الطرقات بشعارات مماثلة. كم نحن العرب مولعون بالشعارات!.

    وبالتوازي مع إرساء العقيد لنظريته السياسية ضمن إطارها الفكري، فقد عمل على إرساء وصياغة الحركة الثقافية السياسية التي تحمل هذا الفكر وتتبنّاه وتحرِّض الشعب على تبنيه في الداخل والخارج، فكانت «حركة اللجان الثورية» الإطارَ التنظيمي السياسي الفكري الثقافي، والتي لا تشبه في هيكليتها وبنيتها وتركيبتها أيّاً من الحركات والتنظيمات السياسية حول العالم، خصوصاً وأن مرماها الرئيس هو تمكين الشعب من تسلُّم السلطة وممارستها، عبر المؤتمرات الشعبية التي تقرّر، واللجان الشعبية التي تنفّذ. لكن، وإلى المهمّة الرئيسة هذه كان لحركة اللجان الثورية مهمة أخرى وهي «حماية ثورة الفاتح والدفاع عنها والدعاية لها» مع ما تعنيه هذه المهمّة ضمناً من حملها بذور تحوّلها إلى حركة مسلّحة بل ميليشيا مسلّحة رسمية، وهي المهمّة التي استحالت إلى تهمة المشاركة في قتل وتصفية معارضين في الداخل والخارج في إطار ما عرف بالثورة الثقافية، وتطهير الجامعات من طلاب «الحركات الهدّامة» أو «الكلاب الضالة» كما أُطلِق عليهم وقتذاك، فيما عرف بــــ «ثورة الطلاب» في السابع من إبريل عامَ 1976.

    وباتت حركة اللجان الثورية برئاسة الرائد عبد السلام جلود المنشقّ بعد طول عقودِ ولاءٍ حتى العظم، حركةً تمارس العمل الأمني، خصوصاً وأنّ العناصر العسكرية تُمسِك قيادتها والمواقع المفصلية فيها، علماً أنّها مزيج من العناصر المدنية والعسكرية الموالية ولاءاً مطلقاً للزعيم الليبي، إذن كان جلود موالياً حتى النخاع. وقد انفتحت اللجان الثورية على حركات التحرير حول العالم ودعمتها، وهو الدعم الذي دفع هذه الحركات خصوصاً الأجنبية منها إلى منح القذّافي لقب قائد الثورة العالمية، وهو المنح الذي لا بدّ من تتويجه بآليات تواصل جديدة خصوصاً مع الحركات الأوروبية والآسيوية والأميركية اللاتينية وغيرها، فكانت «المثابة العالمية» برئاسة موسى كوسى الإطار الإداري التواصلي بين القذّافي وحركات التحرّر العالمية؛ إنّه الإطار الذي كان له العديد من المهام الخاصة، حيث موسى كوسا مطارد بها ولأجلها.

    وبالتوازي مع الكتاب الأخضر وسلطة الشعب وحركة اللجان الثورية، والحملة الإسلامية المستهدفة لهم، كان لا بدّ من البحث عن الوعاء الإسلامي البديل، فكانت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» بهذا المعنى هي المعبِّر عن تطلعات القذّافي والدولة الليبية بشأن الإسلام والمسلمين حول العالم، خصوصاً مع تقديم فلسفة متكاملة للدين ودوره في التشريع والمجتمع والتركيز على وسطيته بعيداً عن التطرّف والغلو والإستغلال السيّئ له لمرامٍ وأهداف سياسية. وقد نشطت هذه الجمعية وتوسّعت نشاطاتها وبرامجها، فأنشئت جامعة لتدريس العلوم الشرعية، سُمّيت «كلية الدعوة الإسلامية» التي كانت مقصداً للدارسين من مختلف قارّات العالم، ثم توسّعت أعمال الجمعية والكليّة على السواء لتفتتح فروعاً لها في عدد من الدول العربية والإفريقية والآسيوية، وشيّدت الجمعية عدداً كبيراً من المساجد والمراكز الإسلامية التي تحمل إسم القذّافي أو الجمعية، ومنها كلية الدعوة الإسلامية في لبنان .

    وبناء عليه.. فقد شكّلت المؤسّسات والهياكل المذكورة أعلاه عدة شغل الزعيم الليبي معمّر القذّافي، لينطلق في تقديم رؤيته حول «الجماهيرية» بوصفها النظام الجديد وغير المسبوق في العالم، كما لينطلق في نشر أفكاره وآرائه من مختلف القضايا والتطورات السياسية والإجتماعية والإقتصادية محلياً واقليمياً ودولياً، لكن!.

    لكنّ «حرق المراحل» هو السمة البارزة للسنوات التي سبقت إعلان سلطة الشعب وقيام «الجماهيرية»، وإذا كان الحرق متّسِقاً مع فلسفة النظرية الجماهيرية الحارقة بدورها للمراحل، مراحل الوصول إلى السلطة، فهل كان الشعب الليبي مهيئاً أولاً لاستيعاب هذه النظرية، وقادراً ثانياً على تطبيقها بشكلها المثالي؟ وهل أنّ السنوات السبع الإنتقالية من الملكية إلى الجمهورية وفّرت المناخ الكافي من النقاش الفكري والإجتماعي بين القيادة ومكوّنات الشعب الليبي بغية إحداث هذه النقلة السوبرنوعية، والتي تحتاج إلى ثقافة سياسية وفكرية ليس على مستوى النخب فحسب وإنّما على مستوى الشرائح الشعبية والإجتماعية ايضاً، فعشية إعلان سلطة الشعب، كان المشهد المجتمعي في ليبيا على الشكل التالي: مجتمع قبلي غارق في مفاهيم القبلية كما غرق عبد السلام جلّود في عشق معمّر القذّافي، خارجٌ لتوّه من ثورة على نظام ملكي ظلم فاسد سمح للمستعمرين استباحة وطنه وسرقة ثرواته وإقامة قواعدهم، فكانت ليبيا عبارة عن «سيليات قطرية» متعدّدة الجنسيات، وهي الخارجة قبل ذلك من استعمار طلياني لم ينشر فيها سوى التخلّف والمكامن النفسية المرضعة مع الحليب الذي استحال أحمرَ؟.

    قطعاً وحتماً لا، فــــ «سلطة الشعب» هبطت «كقرار» من المستوى الأعلى إلى الشرائح الشعبية الليبية. والشعب الليبي لا سبيل له إلّا التصفيق والحماسة لهذه الفكرة رغم عدم قدرته على هضمها ومن ثم تطبيقها. لكن ما جاءكم به معمر فخذوه وما حرمكم منه فاسْتحرِموه. إنّه اللامنطق؛ إنّه ذروة اللامنطق . وحينها كان نفاق الحاشية على أشدّه؛ فواحد منهم انشقّ بالأمس، لم يقل حتى اليوم أنّه نصح قائده باتّباع نهج الجرعات. فقد كان النهج منذ البداية هو السلطة، إنّهم المتنبيّون القدماء والمنشقّون الجُدُد، ولذلك!.

    ولذلك، الجماهيرية انطلقت، والمؤتمرات الشعبية حُدّدت، واللجان الشعبية تشكّلت.. نظرياً هذا صحيح؛ لكن عملّياً من شكّلها وكيف تشكّلت ومن سمّى أو اختار أمناءها؟ هل الشعب من شكّلها أم القيادة الثورية؟ وأيّ الهياكل التنظيمية التي اعتُمدت ونجحت؟ وإلى أي مدى تتناسب سلطة الجماهير مع تركيبة الشعب الليبي؟.

    سلسلة من الأسئلة الدقيقة، من شأن الإجابة الدقيقة عنها تقديم صورة شفّافة عن كيفية صمود حكم معمّر القذّافي 42 عاماً. نقول «صمود» ولا نقول «استمرار». وقبل أنْ نُكمل نودّ الإشارة إلى أنّ غالبية الشعب الليبي هم عرب، وإنّ السواد الأعمّ من الشعب الليبي، يعتنق الاسلام ويتبع مذهب الإمام مالك، يُضاف إلى ذلك أقليات صغيرة من التبو والبربر والطوارق. وعلى ضوء هذه الإشارة يجب القول أنّ المجتمع الليبي بغالبيته الساحقة هو مجتمع ذو طبيعة قبائلية، فحتّى أبناءُ المدن مشكّلون ومنتمون إلى قبائل مختلفة. لابدّ إذن من إيجاد الهيكلية السياسية الحاكمة التي يجب أنْ تتّسع مروحتها وتضم كل القرى والبلدات والمدن والقبائل والعشائر والعائلات ومن ثم الشرائح المهنية من نقابات وروابط مختلفة.

    وعليه..فقد وجد القذّافي ضالّته في تلك الهيكلية التنظيمية التي أسماها «المؤتمر الشعبي الأساسي» على مستوى كل قرية وبلدة وحي وقبيلة ووحدة سكّانية، وصولاً إلى الجامعة والثانوية والإعدادية، على أنْ يكون لكل مؤتمر أمين وأمين مساعد، وينبثق عن كل مؤتمر شعبي أساسي لجنة شعبية مهمتها تنفيذ قرارات المؤتمر الشعبي الأساسي الذي يجب وبحكم النصّ أنْ يملك الحق في الإطاحة بها وتغييرها في أيّ وقت «يشاء»، ثم يتشكّل من مجموع أمناء المؤتمرات الشعبية وأمناء اللجان الشعبية على مستوى الدولة ما يسمّى بمؤتمر الشعب العام، على أنْ يحمل أمناء المؤتمرات مقرّرات وحاجات مؤتمراتهم ومناقشتها في مؤتمر الشعب العام واعتمادها بصياغة موحدة، لتصدر كتشريع نافذ على مستوى الدولة ويتشكّل من مجموع أمناء اللجان الشعبية القطاعية، اللجان الشعبية العامة للقطاع على مستوى الدولة، ويتشكّل من أمناء اللجان الشعبية العامة القطاعية، اللجنة الشعبية العامة (أي مجلس الوزراء)، ويضاف إلى أمناء المؤتمرات الشعبية وأمناء اللجان الشعبية أمناء الاتحادات ومختلف النقابات والروابط المهنية والإنتاجية على مستوى الدولة، وهكذا دواليك.

    إنّها التركيبة التي تستوعب كل التناقضات والحساسيات وموازين القوى الإجتماعية والسياسية في ليبيا. ومن حيث المبدأ، ومن الناحية النظرية، فهذه آلية سلطة وحكم تحوز على مروحة شعبية واسعة ممتدة أفقياً على كامل التراب الليبي تشريعاً وتنفيذاً وإدارة؛ ومن حيث المبدأ أيضاً، فهيكلية الحكم والسلطة هذه
    تحمل في جوفها فضلاً عن ديمومتها واستمراريتها وتطبيقها، الإستقرار الإجتماعي والسياسي والأمني في البلاد، وهذا ما جعل العقيد معمّر القذّافي يطرحها ويتبنّاها بقوة وحتى انقطاع النفس الذي استمرّ أربعة عقود وعقول، لكن!.

    لكن.. إلى أيّ مدى سلّم القذّافي السلطة للنّاس وهل حقّاً سلّمها فسلِم؟.

    هذا السؤال ينطلق في سياق الإجابة على السؤال أعلاه حول من يختار أمناء المؤتمرات الشعبية وأمناء اللجان الشعبية؛ هل يختارهم الناس فعلاً عن طريق
    الإختيار العلني المباشر، أم تهبط عليهم الأسماء من وحي الخيمة؟. هنا يجب العودة للتأكيد بأنّ فهم واستيعاب الشعب الليبي للنظريّة الجماهيرية هما فهم واستيعاب نسبيّان، وذلك على الرغم من اعتماد النظرية الجماهيرية في المقرّرات التربوية ومناهج ومواد التعليم بمراحله كافة، فظهر الأمر وكأنّ
    عملية التثقيف السياسي الخاص بالكتاب الأخضر أضحت في ليبيا أشبه ما تكون بالخدمة الإلزامية.

    وهكذا، فإنّ الهياكل الأولى للسلطة الشعبية قد تشكّلت من طلاب الجامعات والضبّاط، إضافة إلى الكوادر الأعضاء في حركة اللجان الثورية التي تتبنّى إيديولوجياً وعقائدياً هذه النظرية. وهكذا يكتمل المطبخ الذي يُغذّي هياكل السلطة الشعبية بالنوعيات أو الولاءات المتعلِّمة والمثقفة. فمعظم أمناء المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية هم من أعضاء اللجان الثورية المعروفين بولائهم المطلق لفكرتهم ومفكرهم وقائدهم معمّر القذّافي.

    وهكذا تغدو السلطة الشعبية في أيدٍ أمينة بالنسبة للقذّافي، فأضحت أربعة عقود وكسور.. بإختصار شديد.. كان الشعب الليبي بالنسبة للقذّافي بمثابة حقل اختبار يُجرِّب فيه وعبره عصاراته الفكرية كما يشاء، فتارة يعتمد الدوائر الصغرى جداً كوحدة سياسية ثم يلغيها ليعتمد دائرة أكبر ثم يلغيها فيعتمد صيغة المربّعات ثم يلغيها باتجاه المثلثات ثم يلغيها باتجاه الكومونات ثم يلغيها باتجاه مؤتمر البلدية وهكذا دواليك، من تقسيم الشعب إلى دوائر ومربّعات ومثلثات وغيرها بحثاً عن الشكل المناسب والأكثر ملاءَمةً لتمتين السلطة والحكم. إنّه فنّ الحكم وفن إدارة وترجيح كفّة القبائل الذي ما أجاده حاكم في ليبيا كما أجاده القذّافي. إنّه الفن الذي اقتدر القذّافي من خلاله على حرمان أيّ قبيلة من اتخاذ موقف عدائي منه بالمطلق، وها هي أكبر قبائل ليبيا قبيلة ورفّلة تشهد على ذلك في الأمس المجيد، فهذه القبيلة لم تزل حتى اللحظة تغرِّد في سرب القذّافي وخاضت إلى جانبه كل مبارزاته الأطلسيةالمجيدة. فهذه المبارزات ليست مبنيّة على الإطلاق من علاقة حب مستمر بين ورفّلة والقذّافي، فمن المعروف في السياقات الليبية أنّ القذّافي عندما اعتمد تقسيم المحافظات في يوم من الأيام، زعّم مدينة مصراتة على مدينة بني وليد بقصد تحجيم بني وليد ومن ورائها قبيلة ورفّلة، مع ما يعنيه ذلك من صراع تاريخي قديم بين مدينة بني وليد ومدينة مصراتة، وكان باعث القذّافي يومها في هذا الإجراء الأكثر من تكتيكي متمثّلاً في تأديب ورفّلة على محاولة الإنقلاب بالإغتيال الذي تورّطت به عناصر ورفّلية.

    ولكي يَحْبُك القذّافي كل عناصر القوة، وبالتزامن مع تذمّر الليبيين من طرق عمل المؤتمرات الشعبية المولودة أساساً من رحم كسلهم واتكاليتهم، وجد القذّافي
    أنّ مسك العصا من رأسها هو الضالّة المنشودة، فعثر عليها وأنشأ جسماً جديداً اعتُبر من أعمدة النظام السياسي في ليبيا وهو الجسم المعروف بــــ «القيادات الشعبية الإجتماعية» التي تكوّنت من كبار شيوخ القبائل والأعيان والوجهاء والضبّاط المتقاعدين والضبّاط الأحرار، حتى بات منصب منسّق عام القيادة الشعبية الإجتماعية بمثابة المنصب الدستوري الأرفع في الدولة الليبية، خصوصاً وأنّه مكوّن من الشخصيات الإعتبارية الوازنة في بيئاتها. ولا يجب أنْ يفوتنا بأنّ هذا الهيكل الجديد قد نما في لحظة تحوّل حركة اللجان الثورية إلى حركة من الموظفين الثوريين أو من ثوريي الولاء القبلي، فلم تَعُد اللجان في كل مكان بل أصيبت بنوع من الشلل الدائري فالدور والمهام، خصوصاً وأنّها تحوّلت إلى طبقة في المجتمع عُلّقت عليها معظم أدران ولوثات البزنس والصفقات والعمولات، بخلاف منطلقها وتأسيسها وأهدافها.

    لكن أين هو الجيش الليبي من كل هذه التحوّلات على الساحة الليبية؟.

    ممّا لا شكّ فيه أنّ مكوّنات نسقية الحكم والسلطة والنظام في ليبيا بعناصرها الأساسية هي تركيبة عسكرية، فالقذّافي ورفاقه في ثورة الفاتح وصلوا إلى السلطة عن طريق الإطاحة بالنظام الملكي، لكن من خلال المؤسّسة العسكرية. وهو الأمر الذي أدركه القذّافي جيداً ووعى مخاطره جيداً جداً، ومن هذا الإدراك وذاك الوعي، أتت فلسفته ورؤيته في النظام الجماهيري شاملة، فشملت القطاع العسكري الذي كان عليه الذوبان التدرُّجي في المجتمع تحت شعار تحويل الشعب الليبي بأكمله إلى شعب مسلّح يتولّى الدفاع عن البلاد.

    وبهذه الوصفة السحرية المُحكمة، عمل القذّافي على حلّ الجيش بتركيبته التقليدية الكلاسيكية، مبتكراً «المناوبة الشعبية» كإطار عسكري من أبناء المدن، يجعل كل مدينة تتولّى حماية نفسها بنفسها والدفاع عن نفسها بأبنائها. لكن القذّافي لم يكن يعتمد على جهاز المناوبة الشعبية المسلّحة في حماية نظامه، فلقد اعتمد في سبيل ذلك ولأجله على كتائب عسكرية أمنية، ترتكز في تكوينها على العناصر شديدة الولاء الشخصي له.

    هكذا وبهذه الأدوات والآليات والأجسام والأعضاء التناسخية حكم معمّر القذّافي ليبيا من دون أنْ يحكمها طيلة أربعة عقود وكسر من الزمن؛ وهكذا وبهذه النظريّات والأطر الفكرية والفلسفية حقّق القذّافي حلمه بالتحول إلى إشكالية ممتعة ومثيرة استوطنت على الألسن طيلة أربعة عقود من عقد التساؤلات ومن بناء المستوطنات الفكرية في عقول تلقفتها فبدت في تلقفها وكأنها فارغة وتحتاج الإمتلاء، فالكل امتلأ لتفيض ليبيا بمعمِّريها ومدمِّريها حكاية تروى على مرّ العقود الثورية منها والسلمية، لكن كم من هذا الكل كان مدركاً أنّ هكذا دولة كانت تُبنى دونما حصون أو أسوار؟


    المصدر : http://alichendeb.blogspot.com/2013/03/1969_31.html

    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    الفكر الأخضر

    مُساهمة الإثنين مايو 13, 2013 4:21 pm من طرف الفكر الأخضر

    جعله الله في ميزان حسناتك ... شدي الهمه مازال ورانا شغل واجد
    karoma

    مُساهمة الأحد مايو 26, 2013 1:13 pm من طرف karoma

    شكرا بنتك...
    ماشاء الله
    أهو القروب كله ناشط

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 1:53 am