عندما تقاتل البريقة بالسلاح الأبيض
ولأنّ الولوج إلى حقائق وتفاصيل هذه الملحمة هو أكثر من ضروري لأكثر من سبب، وجدت نفسي
أمام مهمة وواجب إعلام وتعريف الرأي العام العربي وكل من يهمّه الأمر بتلك الحقائق
والتفاصيل وهو ما اقتضى مني وأنا في مرحلة إعداد الكتاب في لبنان أنْ أسافر إلى
مصر وتونس والجزائر والنيجر للبحث عمّن يملك الإجابة الحقّة عن أسئلة وتساؤلات
البريقة من العسكريين الليبيين اللاجئين إلى مصر تفادياً لتشفِّيات ومجازر حكّام
ليبيا الجدد وميليشياتهم بحسب ما وصف لي أحد الضباط المساعدين للمعتصم الذي سرد لي
أيضاً ماهيّة وتأصيلات وتفاصيل معركة البريقة حيث أخبرني الآتي:
«من 21 إلى 23 آذار/مارس 2011، دخلت القوات الليبية دخولها الثاني
إلى مدينة البريقة بناء على تعليمات القائد الأعلى القاضية والآمرة بالإستبسال
والقتال حتى الموت لمنع مجاميع الثوار من دخول هذه المدينة والإنطلاق منها نحو
الوسط والغرب الليبي ومن ثم جعلها خطّ الدفاع الأول».
والذي قاد القوّة المقاتلة والمدافعة عن مدينة البريقة هو اللواء المعتصم بالله القذّافي
الذي هو أيضاً من وضع الخطط العسكرية الدفاعية والهجومية، عن البريقة وانطلاقاً
منها، ولأجل ذلك قرّر تقسيم المدينة إلى خمسة محاور عسكرية هي:
1 ـــــ محور البحر، الموازي للبحر (الشمال).
2ـــــ محور الساحل، الطريق السريع (وسط).
3ـــــ محور النهر، طريق غير معبّدة لشركات النهر الصناعي (وسط).
4ـــــ محور الجنوب، الجنوب.
5ـــــ قوة لصد أيّ هجوم عبر البحر معزّزة بمدافع 130 هاوتزر مضاد
للسفن الحربية.
ويبلغ عدد المقاتلين على كل محور 200 عنصر و7 ضباط في الحالات الدفاعية، ويكون عديد كامل
القوة الدفاعية عن البريقة 1000 مقاتل ذوي جدوى، ويوجد نظيرهم في المواقع الخلفية
للتبديل والإحتياط بالإضافة لقوات إنذار.
وهذه المحاور الخمسة، مستنسخة في مدينة «بشر»، التي تبعد 7 كلم غرب البريقة.
لابدّ من الإشارة إلى شتى أساليب التمويه والتضليل التي اعتمدتها القوّات الليبية
وكتيبة الهندسة فيها من خلال إنشاء المجسّمات العسكرية الوهمية الهادفة لتضليل
العدو واستنزاف طاقاته وذخائره.
إنّ الإنتشار في كل هذه المحاور هو انتشار خفيّ بعيدٌ عن أعين طيران الناتو طيلة فترة
المواجهة التي بدأت من شهر اذار/مارس وحتى شهر آب / أغسطس 2011.
ووفقاً لهذا التكتيك العسكري اختفى سلاح المدرعات الذي أخرج من الخدمة من جبهة البريقة.
وقداعتمدت القوات الليبية في مواجهتها مع القوات المناهضة لها براً وقوات الناتو
المؤازرة لها جواً وبحراً، على نقل المعدات والذخائر والأفراد والتموين على آليات
نقل مدنية صغيرة.
خلال يومي 12 ــــــ 13 حزيران/يونيو، حصلت معركتان هامتان كانتا آخر المعارك البرية
على محور البريقة حتى بداية شهر تموز / يوليو.
وفي نهاية شهر تموز/يوليو، عقد اللواء المعتصم اجتماعا ضمّ آمري المحاور وضباط
العمليات حينها، وأبلغهم ارتياحه لوضع الجبهة على محاور البريقة، ولتردّيها في
المنطقة الغربية التي عليه التفرُّغ لها ليلقن ثوار الناتو درس البريقة.
وهكذا وبناء على رؤية اللواء المعتصم تمّ يوم 14 آب / أغسطس تقليص عديد المحور إلى 35
عنصراً لكل محور وذلك تجنباً لقصف مروحيات الأباتشي التي تطارد الأفراد وسيارات
الإسعاف والسيارات المدنية الصغيرة. لكن رغم هذا التقليص بقيت فاعلية المحور
الدفاعية على حالها من القوة والثبات ولم تتأثّر.
في إطار الحرب النفسية، عملت قوات الناتو إلى الدخول على تردّدات الأجهزة اللاسلكية
ومخاطبة ضباط القوات الليبية وحثّهم على رمي سلاحهم والذهاب إلى بيوتهم إضافة إلى
مناشيرَ متعدِّدة المضامين تم رميها من الجو للغاية نفسها بهدف هزّ المعنويات.
لكنّ الضباط والجنود المرابطين في مدينة البريقة كانوا يسخرون من سلوكيات الناتو
هذه.
أمّاالأسلحة التي استُخدمت في الدفاع عن مدينة البريقة فتتشكل ممّا يلي:
أولاً: سلاح المضاد للدروع م.د ويتكون من:
ـــــ مدافع 105 و106 ملم المحمولة على آليات
ـــــ صواريخ «كونكورس» ومداها يبلغ نحو 4 كلم
ـــــ صواريخ «كورنيت» ومداها أقل من 6 كلم لكن ذخائرها قليلة
ـــــ صواريخ «ميلان» ومداها نحو 3 كلم
ـــــ صواريخ «موتيس» ومداها أقل من 2 كلم
ـــــ قواذف الــــ «أر بي جي».
ثانياً:المدفعية وتتكون من:
ـــــ الغراد
ـــــ راجمات 107 و130.
ثالثاً:سلاح الدفاع الجوي ويتكون من:
ـــــ رشاشات 14.5 ملم
ـــــ رشاشات 23 ملم
ـــــ صواريخ ستريلا سام 7
ـــــ صورايخ ليغلا
وتعليقاً على ما أوردته أعلاه ممّا أعلمني به ذلك الضابط المساعد للمعتصم في معركة البريقة،أقول إنّ المفاجأة هي أولى الحقائق التي من المفترض أنْ تتكوّن لدى كل من تابع
جبهة البريقة في حينها؛ فآنذاك وَشَت الإنتصارات والبطولات والإستبسالات التي أدّاها المعتصم ومقاتلوه بأنّ كل القدرات العسكرية الليبية شُحنت ونُقلت إلى البريقة، وبأنّ المعتصم يقاتل بأحدث ما ابتكرته مصانع السلاح في أوروبا وأميركاوروسيا، لكن وبخبرتي العسكرية المتواضعة يمكنني القول بأنّ العدد والعتاد وأنواع السلاح المستخدم في هذه الملحمة، لا يمكن أنْ تنتج ما أنتجته البريقة من صمود لأكثر من خمسة أشهر مع العلم أنّ هذه الجعبة التسليحية التي قاتل فيها المعتصم ورفاقه أدّت إلى قتل المئات من الكتائب المناهضة للقذّافي المهاجمة للبريقة.
ولأنّ الخبراء والإحترافيين العسكريين، وبالطبع لا أقصد أولئك الذين ينظِّرون في شاشات الفضائيات، يتجاوزوني معرفة وخبرة بعلم القتال والمناورة والتمويه فإنّني أضع تفسيرات ملحمة البريقة بين أيديهم علّهم يقدّمون لنا رؤية علمية موضوعية تفي بحقائق البريقة، بالطبع دون أنْ يغفلوا حقيقة القصف الأطلسي المستمر طيلة خمسة أشهر على قوّات المعتصم المرابطة هناك، ودون أنْ يغفلوا أيضاً الجغرافيا الليبية المنبسطة والمكشوفة والتي كانت عاملاً مساعداً لمجاميع الثوار كونهم الطرف المهاجِم ولم تكن عاملاً مساعداً لقوات الدفاع التي قادها المعتصم، ودون أن يغفلواافتقار جبهة البريقة للردارات نتيجة تدميرها من قبل قوات الناتو المرابطة في البحر والجو، ودون أنْ يغفلوا أيضاً خروج سلاح المدرّعات بفعل القصف الأطلسي أيضاً من ميدان المعركة.
إنّه المعتصم بالله القذّافي إذن، الذي وحده معمّر القذّافي يدرك أشدّ الإدراك من هو وماذا يمكن له أنْ يفعل، لأنّه المدماك الأكبر في بروج الصمود التي قرّر القذّافي بناءها.
كان المعتصم بالله بهذا المعنى وبحسابات والده أكبر من أنْ يكون مجرّد إحدى نقاط القوّة التي يعوِّل عليها القذّافي في معركته الأخيرة، لا بل إنّه سبب الحتميّة ربما الوحيد الذي قاد القذّافي إلى القول «أنا هنا»، فهو هنا، لأنّ المعتصم بالله كان باتجاه الــــ «هُنا» والــــ «هُناك»، وفي كل مكان يسبقه الموت إليه.
دعوني من مشاعري ودعوني من متعة الكتابة عن المعتصم بالله، واذهبوا معي إلى ذلك الشريط المرئي الذي ظهر فيه المعتصم بالله أسيراً يأمر آسريه ويسخر منهم ويُحاججهم ثم يضحك ويرمي أعقاب سيجارته في وجههم لحظة كان وجهه بتقاسيمه وألوانه ولحيته يتجاوز ماهيّة الرجولة، ربّما لأنّه كان مترجِّلاً نحو الموت دون مبالاة، وهو الذي كان بإمكانه وبكل بساطة أنْ يعفي نفسه من وحشيّة لحظة يحسده عليها العدو قبل الصديق؛ كان بإمكانه وهو في سرت أنْ يلُفَّ جسده بحزام ناسف سيراً على سُنّةِ مقعدي القاعدة، صَدَق يوسف شاكير وأصاب عندما نهره بعبارة «جيفارا العرب».
المصدر http://alichendeb.blogspot.com/
الأحد مايو 31, 2015 3:20 pm من طرف الفارس الفارس
» الإتحاد الأوربي و ليبيا
الأحد مايو 31, 2015 3:15 pm من طرف الفارس الفارس
» مدينة سرت الليبية و الجفرة و مناطق الوسط تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش )
الأحد مايو 31, 2015 3:02 pm من طرف الفارس الفارس
» سرت و نقص البنزين
السبت مايو 16, 2015 2:28 pm من طرف الفارس الفارس
» حديث اخضر اللثام للمنظمات الحقوقية عن مايحدث في طرابلس و ورشفانة
الخميس أبريل 30, 2015 8:24 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء أبريل 29, 2015 7:54 am من طرف عائشة القذافي
» بقلم الأستاذ : هشام عراب .
الأربعاء مارس 18, 2015 10:43 am من طرف عائشة القذافي
» نبوءة القذافي يحقّقها آل فبراير، ويقرّ بها العالم ،،
الأربعاء مارس 04, 2015 8:53 pm من طرف عائشة القذافي
» توفيق عكاشة يهدد التنظيم و يطالب أهالي سرت بعدم الذهاب للجامعة
الثلاثاء مارس 03, 2015 10:34 pm من طرف عائشة القذافي
» منظمة ضحايا لحقوق الانسان Victims Organization for Human Rights
الأربعاء يناير 21, 2015 8:49 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء يناير 21, 2015 8:30 am من طرف عائشة القذافي
» معمر القذافي علي قيد الحياة بالدليل القاطع
الإثنين ديسمبر 08, 2014 8:24 pm من طرف الفارس الفارس