الإمام الخميني يُساجل نصر الله
يوم أطلق السيّد نصر الله عبارته الشهيرة بأنّ الكون بأكمله لا يستطيع أنْ ينزع سلاح المقاومة، لا يومها ولا قبل يومها ولا بعد يومها كان الكون متَّحِداً ومتفقاً على وجوب نزع هذا السلاح، فدائماً في كل الحروب والمعارك التي قرّرها نصر الله أو التي فرضت عليه، كان العالم منقسماً ليس بشأن لاح حزب الله فحسب، وإنّما بشأن شطب حزب الله من المعادلات المحلية والإقليمية والدولية؛ دائماً كان يجد حزب الله في لبنان وفي خارجه من يقف معه ويؤيده ويدعمه، ذلك أنّ المعارك والحروب التي خاضها حزب الله خصوصاً ضد العدو الإسرائيلي كانت تتجاوز في مضمونها مسألة المقاومة والتحرير، ولا يجادلنّ في ذلك إثنان.
لكنّ حرب القذّافي الأخيرة ينطبق عليها بامتياز مقاربة السيّد نصر الله الكونية؛ فالكون بأكمله كان إمّا مؤيّداً للحرب على القذّافي أو مشاركاً فيها أو صامتاً إزاءها، فالحلفاء قبل الخصوم والأعداء بشقيهم الحقيقيين والمفترضين كانوا جزءاً من المعركة ضد القذّافي، ولا يتطلّب تبيان ذلك الكثير من البحث والجهد، فحتى روسيا التي وحدها اليوم من يشكّل صمّام الأمان الدولي للنظام السوري نجدها ترفع يديها عن القذّافي لتفرِّط به عند ثاني مفترق طرق، وحتى إيران التي شكّلت وتشّكل صمّام الأمان الإقليمي لكل من سوريا وحزب الله، ليس فقط رفعت يدها عنه، بل نجدها باركت الحرب الأميركية الأطلسية عليه، أمّا حماس التي لطالما وصلت يدي القذّافي حتى حلقومها في الدعم والتمويل والتي في كل مرّة كانت تقول له هل من مزيد، فيزيد، كان موقفها تجاه الحرب الأميركية الأطلسية عليه كما لو أنّه «يزيد»، أمّا الإتحاد الإفريقي الذي كان يُتوقع أنْ يكون موقفه من الحرب الأميركية الأطلسية على مؤسِّس الإتحاد الإفريقي كموقف هذا المؤسِّس من حزب الله أثناء عدوان تموز، فقد كان موقف هذا الإتحاد أدنى بكثير مما كان يجب عليه أنْ يكون، أمّا الجزائر فكانت حساباتها في هذا الصدد منطلقة فقط من متطلبات أمنها القومي وليس من تاريخ عريق دوّن العلاقات الكبيرة والمتشعِّبة بينها وبين الجماهيرية.
لقد كان القذّافي صعب الإقتلاع لدرجة أنّ اقتلاعه يتطلّب اقتلاع النظامين التونسي والمصري أولاً وهو ما أثبتت الوقائع والأحداث صحته، وكأنّما زين العابدين بن علي ما اقتُلِع أصلاً إلّا لتعبيد الطريق إلى الغرب الليبي لتكون الطريق إلى طرابلس سالكة أمام الثوار وما بعدهم ومن يقف خلفهم، وكأنّما أيضاً ما اقتُلِع حسني مبارك إلّا ليكون الزحف باتجاه الشرق الليبي ومنه آمناً مطمئناً وكل ذلك حدث باسم ثورات الربيع العربي.
وإنّنا إذ نضع هذه المقاربة الجيواستراتيجية، فذلك لنعود مرّة أخرى إلى لبنان، ولنستحضر المشهد اللبناني من جديد أيام عدوان تموز 2006، ولنرى أنّ الجيواستراتيجيا كانت الورقة الأقوى بيد المقاومة في لبنان؛ الجيواستراتيجيا ببعديها المحلّي والإقليمي، فليّ الذراع كان مفقوداً عند الإسرائيليين، فلبنان بأكمله تحوّل إلى ميدان لحزب الله والمقاومة، وسوريا تجاوزت في دعمها لحزب الله في تلك الحرب فلسفة الميدان لتكون مخزن السلاح والإمداد والذخائر والتموين..
القذّافي، افتقد كل هذه العوامل ونقاط القوة، فأيُّ أوراق قوة امتلكها وراهن عليها ليمزّق كل أوراق اعتماد التنحي التي قُدِّمت إليه وليقول للكون كله، «أنا هنا في بيتي في خيمتي في المنتدى»، أم هي البداوة وحدها هي من تجعل رجلاً بحجم القذّافي يشعر أنّه يمتلك الكون عندما يقرّر هذا الكون إلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً؟.
كلّ ما تقدّم يدفعنا أنْ نُبرز للمواطن العربي الجاهل لحقيقة المعركة التي خاضها القذّافي الأوراق التي راهن عليها ليلعب لعبة الموت.
إنّها لعبة الموت إذن؛ اللعبة التي أكثر من يتقنها هو معمّر القذّافي، فللموت مع هذا الرجل صولات وجولات؛ الصولات التي وإنْ بدأت منذ لحظة التحضير لثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969، إلّا أنّها لم تنته مع الغارة الأميركية البريطانية التي استهدفته عام 1986، والتي سبقها ولحقها عدد من محاولات الإغتيال الفاشلة. فإذا كانت الحقيقة تقول بأنّ بن لادن أصبح في العقد الأخير هو المطلوب رقم واحد عالمياً، فالحقيقة التي لا تقبلن أيّ جدل تقول بأنّ القذّافي وطيلة أربعة عقود من الزمن كان هو المطلوب رقم واحد عالمياً. وإذا كان الشكّ يساور البعض بأنّ بن لادن ما كان يوماً مطلوباً رقم واحد، على اعتبار أنّه كان يتماهى مع الستراتيجيات الأميركية واسعة النطاق، فمثل ذلك شكٌّ هو مفقود في الحالة القذّافية.
هذه المقاربة تحتاج لبعض التوضيح والتفسير المنطلقين أساساً من الفرق بين ماهيّة بن لادن وماهيّة القذّافي، فكما هو معروف ولا يختلفنّ عليه إثنان، أنّ بن لادن بدأ حياته السياسية حليفاً للولايات المتحدة الأميركية وملحقاتها عندما تمّ استخدامه كــــ «مجاهد» في أفغانستان لمقارعة الإستعمار السوفياتي لهذه الدولة الإسلامية، فكان بن لادن بهذه الصفة «المُدَلّل رقم واحد»، وعندما انسحب السوفيات من أفغانستان وتقهقر الإتحاد السوفياتي ووجد بن لادن نفسه عاطلاً عن العمل، بدأ يرسم لنفسه صورة أخرى إستثمر حلفاء الأمس بها فحدث التحالف مرّة أخرى بين الزيت والزعتر، ليُظهّر بن لادن منذ منتصف تسعينات القرن العشرين كأخطر رجل في العالم.
غير أنّ القذّافي قرّر ومنذ البداية إرتداء ثوب غير الذي ارتداه بن لادن، فمنذ 11 أيلول الليبية أيّ منذ نجاح القذّافي في الإطاحة بوكيل الاستعمار الغربي في ليبيا الملك إدريس السنوسي، وحتى 11 أيلول الأميركية أي طيلة ثلاثة عقود ونيّف من الزمن، كان القذّافي عدواً واضحاً وصريحاً بشهادة التاريخ والجغرافيا والأدب السياسي للإمبريالية والصهيونية والإستعمار القريب منه والبعيد، كان كذلك فعلاً لا قولاً، كان طيلة هذه الفترة ثائراً بامتياز دون أنْ يطرح نفسه مجاهداً، ربّما، أو بالتأكيد، لأنّه كان يدرك أنّ الثورة كما هي طريقٌ إلى الحياة الحرّة، هي أيضاً طريق إلى الموت المشرِّف. وضمن هذا الإطار كان القذّافي جندياً معلوماً مجهولاً فكان في كل مكان نبتت فيه ثورة أو حركة تحرّر ما، من أميركا اللاتينية إلى اوروبا الغربية مروراً بقضايا القارّة الإفريقية، وكان القذّافي الداعم الأول للحراكات والثورات الشعبية المناهضة للأنظمة الرأسمالية في تلك الدول، إذ كان الصديق الأول والداعم ما قبل الأول للجيش الجمهوري الإيرلندي والعمل المباشر والألوية الحمراء والجيش الأحمر الياباني.. ناهيكم عن دعمه تارة وتبنيه تارات لحركات وفصائل الثورة الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية اليسارية والقومية والناصرية والشعبية.. الخ.
وبهذا المعنى كان القذّافي بعين الفرنسيين والأسبان والإنكليز والأميركيين والإسرائيليين المطلوب رقم واحد، لكنّه رغم ذلك استمّر في لعبة الموت عبر اللعب بالنار.
ما نودّ قوله، هو أنّ السمة الغالبة في عمل القذّافي السياسي هي السمة العسكرية، وهي السمة التي بلغت ذروتها في دعم القذّافي الكبير للثورة الإسلامية في إيران، وهو الدعم الذي لو كان الإمام الخميني ما زال على قيد الحياة لاعترف به وقدّره، ولكانَ الحليف الأول والداعم الأول للعقيد أثناء الحرب الأميركية الأطلسية عليه، لكنّ حكّام إيران الجدد الذين ما كان لهم أنْ يكونوا لولا الثوري الكبير الإمام الخميني، قد تنكّروا لفضائل القذّافي على الثورة الإيرانية؛ ألمْ يكُن القذّافي في هذا الدعم لتلك الثورة وفي ذلك الزمن يتجاوز اللعب بالنار ليلعب مع ما بعد الموت؟.
وإذا كان السيّد نصر الله مع كل المسؤولين الإيرانيين من المرشد الخامنئي إلى الرئيس أحمدي نجاد وليس انتهاءً بالشيخ رفسنجاني والنووي لاريجاني والأمني روحاني وقبلهم كروبي ومعهم أكبر ولايتي وأكبر سلطانية ومن خلالهم صفوي وجعفري ورحيمي، وهم كلهم يعلنون جهاراً نهاراً أنّ قضية إيران الثورة الأولى، هي فلسطين، فكيف بعد ذلك يحقّ للسيّد نصر الله في خطاب دعم الثورات العربية أنْ يقول: «بأنّ القذّافي قد أخذ ليبيا بعيداً عن فلسطين والعالم العربي وتنكّر لهما»؟.
يومها كان بإمكان القذّافي أنْ يكون ملكاً أكثر من الملك وشاهاً أكثر من الشاه، ومصدِّقا على السياسة الأميركية والإسرائيلية أكثر من مصدِّقي نفسه، وكان بإمكانه أيضاً أنْ يلعب لعبة البهلوان على المسارح الأميركية أكثر من بهلوي نفسه، لكنّه لعب لعبة الموت لا البهلوانية؛
البهلوانية التي لعبها حلفاء السيّد نصر الله الدينوغرافيون في العراق يوم كان يجب للثورة أنْ تندلع لتُطهِّر كربلاء والنجف من رجس الإحتلال الأميركي، لكنّها لم تقع لأنّ بهلويي العراق حنّوا لزمن بهلوي إيران، فلم يلعبوا بالنار ليس خوفاً من الإحتراق، وإنّما ليشعلوها أكثر ويعطوها قيمة نفطية مضافة لا يمكن من بعدها أن تكون برداً وسلاماً على صدّام حسين.
وها هو الصِدام بين حلفاء نصر الله العراقيين وأميركا ما زال مفقوداً، فأخطأ السيّد نصر الله مرّة أخرى عندما قال بأنّ الاميركيين انسحبوا من العراق ليتفادوا لعبة الموت.
المصدر http://alichendeb.blogspot.com/
يوم أطلق السيّد نصر الله عبارته الشهيرة بأنّ الكون بأكمله لا يستطيع أنْ ينزع سلاح المقاومة، لا يومها ولا قبل يومها ولا بعد يومها كان الكون متَّحِداً ومتفقاً على وجوب نزع هذا السلاح، فدائماً في كل الحروب والمعارك التي قرّرها نصر الله أو التي فرضت عليه، كان العالم منقسماً ليس بشأن لاح حزب الله فحسب، وإنّما بشأن شطب حزب الله من المعادلات المحلية والإقليمية والدولية؛ دائماً كان يجد حزب الله في لبنان وفي خارجه من يقف معه ويؤيده ويدعمه، ذلك أنّ المعارك والحروب التي خاضها حزب الله خصوصاً ضد العدو الإسرائيلي كانت تتجاوز في مضمونها مسألة المقاومة والتحرير، ولا يجادلنّ في ذلك إثنان.
لكنّ حرب القذّافي الأخيرة ينطبق عليها بامتياز مقاربة السيّد نصر الله الكونية؛ فالكون بأكمله كان إمّا مؤيّداً للحرب على القذّافي أو مشاركاً فيها أو صامتاً إزاءها، فالحلفاء قبل الخصوم والأعداء بشقيهم الحقيقيين والمفترضين كانوا جزءاً من المعركة ضد القذّافي، ولا يتطلّب تبيان ذلك الكثير من البحث والجهد، فحتى روسيا التي وحدها اليوم من يشكّل صمّام الأمان الدولي للنظام السوري نجدها ترفع يديها عن القذّافي لتفرِّط به عند ثاني مفترق طرق، وحتى إيران التي شكّلت وتشّكل صمّام الأمان الإقليمي لكل من سوريا وحزب الله، ليس فقط رفعت يدها عنه، بل نجدها باركت الحرب الأميركية الأطلسية عليه، أمّا حماس التي لطالما وصلت يدي القذّافي حتى حلقومها في الدعم والتمويل والتي في كل مرّة كانت تقول له هل من مزيد، فيزيد، كان موقفها تجاه الحرب الأميركية الأطلسية عليه كما لو أنّه «يزيد»، أمّا الإتحاد الإفريقي الذي كان يُتوقع أنْ يكون موقفه من الحرب الأميركية الأطلسية على مؤسِّس الإتحاد الإفريقي كموقف هذا المؤسِّس من حزب الله أثناء عدوان تموز، فقد كان موقف هذا الإتحاد أدنى بكثير مما كان يجب عليه أنْ يكون، أمّا الجزائر فكانت حساباتها في هذا الصدد منطلقة فقط من متطلبات أمنها القومي وليس من تاريخ عريق دوّن العلاقات الكبيرة والمتشعِّبة بينها وبين الجماهيرية.
لقد كان القذّافي صعب الإقتلاع لدرجة أنّ اقتلاعه يتطلّب اقتلاع النظامين التونسي والمصري أولاً وهو ما أثبتت الوقائع والأحداث صحته، وكأنّما زين العابدين بن علي ما اقتُلِع أصلاً إلّا لتعبيد الطريق إلى الغرب الليبي لتكون الطريق إلى طرابلس سالكة أمام الثوار وما بعدهم ومن يقف خلفهم، وكأنّما أيضاً ما اقتُلِع حسني مبارك إلّا ليكون الزحف باتجاه الشرق الليبي ومنه آمناً مطمئناً وكل ذلك حدث باسم ثورات الربيع العربي.
وإنّنا إذ نضع هذه المقاربة الجيواستراتيجية، فذلك لنعود مرّة أخرى إلى لبنان، ولنستحضر المشهد اللبناني من جديد أيام عدوان تموز 2006، ولنرى أنّ الجيواستراتيجيا كانت الورقة الأقوى بيد المقاومة في لبنان؛ الجيواستراتيجيا ببعديها المحلّي والإقليمي، فليّ الذراع كان مفقوداً عند الإسرائيليين، فلبنان بأكمله تحوّل إلى ميدان لحزب الله والمقاومة، وسوريا تجاوزت في دعمها لحزب الله في تلك الحرب فلسفة الميدان لتكون مخزن السلاح والإمداد والذخائر والتموين..
القذّافي، افتقد كل هذه العوامل ونقاط القوة، فأيُّ أوراق قوة امتلكها وراهن عليها ليمزّق كل أوراق اعتماد التنحي التي قُدِّمت إليه وليقول للكون كله، «أنا هنا في بيتي في خيمتي في المنتدى»، أم هي البداوة وحدها هي من تجعل رجلاً بحجم القذّافي يشعر أنّه يمتلك الكون عندما يقرّر هذا الكون إلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً؟.
كلّ ما تقدّم يدفعنا أنْ نُبرز للمواطن العربي الجاهل لحقيقة المعركة التي خاضها القذّافي الأوراق التي راهن عليها ليلعب لعبة الموت.
إنّها لعبة الموت إذن؛ اللعبة التي أكثر من يتقنها هو معمّر القذّافي، فللموت مع هذا الرجل صولات وجولات؛ الصولات التي وإنْ بدأت منذ لحظة التحضير لثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969، إلّا أنّها لم تنته مع الغارة الأميركية البريطانية التي استهدفته عام 1986، والتي سبقها ولحقها عدد من محاولات الإغتيال الفاشلة. فإذا كانت الحقيقة تقول بأنّ بن لادن أصبح في العقد الأخير هو المطلوب رقم واحد عالمياً، فالحقيقة التي لا تقبلن أيّ جدل تقول بأنّ القذّافي وطيلة أربعة عقود من الزمن كان هو المطلوب رقم واحد عالمياً. وإذا كان الشكّ يساور البعض بأنّ بن لادن ما كان يوماً مطلوباً رقم واحد، على اعتبار أنّه كان يتماهى مع الستراتيجيات الأميركية واسعة النطاق، فمثل ذلك شكٌّ هو مفقود في الحالة القذّافية.
هذه المقاربة تحتاج لبعض التوضيح والتفسير المنطلقين أساساً من الفرق بين ماهيّة بن لادن وماهيّة القذّافي، فكما هو معروف ولا يختلفنّ عليه إثنان، أنّ بن لادن بدأ حياته السياسية حليفاً للولايات المتحدة الأميركية وملحقاتها عندما تمّ استخدامه كــــ «مجاهد» في أفغانستان لمقارعة الإستعمار السوفياتي لهذه الدولة الإسلامية، فكان بن لادن بهذه الصفة «المُدَلّل رقم واحد»، وعندما انسحب السوفيات من أفغانستان وتقهقر الإتحاد السوفياتي ووجد بن لادن نفسه عاطلاً عن العمل، بدأ يرسم لنفسه صورة أخرى إستثمر حلفاء الأمس بها فحدث التحالف مرّة أخرى بين الزيت والزعتر، ليُظهّر بن لادن منذ منتصف تسعينات القرن العشرين كأخطر رجل في العالم.
غير أنّ القذّافي قرّر ومنذ البداية إرتداء ثوب غير الذي ارتداه بن لادن، فمنذ 11 أيلول الليبية أيّ منذ نجاح القذّافي في الإطاحة بوكيل الاستعمار الغربي في ليبيا الملك إدريس السنوسي، وحتى 11 أيلول الأميركية أي طيلة ثلاثة عقود ونيّف من الزمن، كان القذّافي عدواً واضحاً وصريحاً بشهادة التاريخ والجغرافيا والأدب السياسي للإمبريالية والصهيونية والإستعمار القريب منه والبعيد، كان كذلك فعلاً لا قولاً، كان طيلة هذه الفترة ثائراً بامتياز دون أنْ يطرح نفسه مجاهداً، ربّما، أو بالتأكيد، لأنّه كان يدرك أنّ الثورة كما هي طريقٌ إلى الحياة الحرّة، هي أيضاً طريق إلى الموت المشرِّف. وضمن هذا الإطار كان القذّافي جندياً معلوماً مجهولاً فكان في كل مكان نبتت فيه ثورة أو حركة تحرّر ما، من أميركا اللاتينية إلى اوروبا الغربية مروراً بقضايا القارّة الإفريقية، وكان القذّافي الداعم الأول للحراكات والثورات الشعبية المناهضة للأنظمة الرأسمالية في تلك الدول، إذ كان الصديق الأول والداعم ما قبل الأول للجيش الجمهوري الإيرلندي والعمل المباشر والألوية الحمراء والجيش الأحمر الياباني.. ناهيكم عن دعمه تارة وتبنيه تارات لحركات وفصائل الثورة الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية اليسارية والقومية والناصرية والشعبية.. الخ.
وبهذا المعنى كان القذّافي بعين الفرنسيين والأسبان والإنكليز والأميركيين والإسرائيليين المطلوب رقم واحد، لكنّه رغم ذلك استمّر في لعبة الموت عبر اللعب بالنار.
ما نودّ قوله، هو أنّ السمة الغالبة في عمل القذّافي السياسي هي السمة العسكرية، وهي السمة التي بلغت ذروتها في دعم القذّافي الكبير للثورة الإسلامية في إيران، وهو الدعم الذي لو كان الإمام الخميني ما زال على قيد الحياة لاعترف به وقدّره، ولكانَ الحليف الأول والداعم الأول للعقيد أثناء الحرب الأميركية الأطلسية عليه، لكنّ حكّام إيران الجدد الذين ما كان لهم أنْ يكونوا لولا الثوري الكبير الإمام الخميني، قد تنكّروا لفضائل القذّافي على الثورة الإيرانية؛ ألمْ يكُن القذّافي في هذا الدعم لتلك الثورة وفي ذلك الزمن يتجاوز اللعب بالنار ليلعب مع ما بعد الموت؟.
وإذا كان السيّد نصر الله مع كل المسؤولين الإيرانيين من المرشد الخامنئي إلى الرئيس أحمدي نجاد وليس انتهاءً بالشيخ رفسنجاني والنووي لاريجاني والأمني روحاني وقبلهم كروبي ومعهم أكبر ولايتي وأكبر سلطانية ومن خلالهم صفوي وجعفري ورحيمي، وهم كلهم يعلنون جهاراً نهاراً أنّ قضية إيران الثورة الأولى، هي فلسطين، فكيف بعد ذلك يحقّ للسيّد نصر الله في خطاب دعم الثورات العربية أنْ يقول: «بأنّ القذّافي قد أخذ ليبيا بعيداً عن فلسطين والعالم العربي وتنكّر لهما»؟.
يومها كان بإمكان القذّافي أنْ يكون ملكاً أكثر من الملك وشاهاً أكثر من الشاه، ومصدِّقا على السياسة الأميركية والإسرائيلية أكثر من مصدِّقي نفسه، وكان بإمكانه أيضاً أنْ يلعب لعبة البهلوان على المسارح الأميركية أكثر من بهلوي نفسه، لكنّه لعب لعبة الموت لا البهلوانية؛
البهلوانية التي لعبها حلفاء السيّد نصر الله الدينوغرافيون في العراق يوم كان يجب للثورة أنْ تندلع لتُطهِّر كربلاء والنجف من رجس الإحتلال الأميركي، لكنّها لم تقع لأنّ بهلويي العراق حنّوا لزمن بهلوي إيران، فلم يلعبوا بالنار ليس خوفاً من الإحتراق، وإنّما ليشعلوها أكثر ويعطوها قيمة نفطية مضافة لا يمكن من بعدها أن تكون برداً وسلاماً على صدّام حسين.
وها هو الصِدام بين حلفاء نصر الله العراقيين وأميركا ما زال مفقوداً، فأخطأ السيّد نصر الله مرّة أخرى عندما قال بأنّ الاميركيين انسحبوا من العراق ليتفادوا لعبة الموت.
المصدر http://alichendeb.blogspot.com/
الأحد مايو 31, 2015 3:20 pm من طرف الفارس الفارس
» الإتحاد الأوربي و ليبيا
الأحد مايو 31, 2015 3:15 pm من طرف الفارس الفارس
» مدينة سرت الليبية و الجفرة و مناطق الوسط تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش )
الأحد مايو 31, 2015 3:02 pm من طرف الفارس الفارس
» سرت و نقص البنزين
السبت مايو 16, 2015 2:28 pm من طرف الفارس الفارس
» حديث اخضر اللثام للمنظمات الحقوقية عن مايحدث في طرابلس و ورشفانة
الخميس أبريل 30, 2015 8:24 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء أبريل 29, 2015 7:54 am من طرف عائشة القذافي
» بقلم الأستاذ : هشام عراب .
الأربعاء مارس 18, 2015 10:43 am من طرف عائشة القذافي
» نبوءة القذافي يحقّقها آل فبراير، ويقرّ بها العالم ،،
الأربعاء مارس 04, 2015 8:53 pm من طرف عائشة القذافي
» توفيق عكاشة يهدد التنظيم و يطالب أهالي سرت بعدم الذهاب للجامعة
الثلاثاء مارس 03, 2015 10:34 pm من طرف عائشة القذافي
» منظمة ضحايا لحقوق الانسان Victims Organization for Human Rights
الأربعاء يناير 21, 2015 8:49 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء يناير 21, 2015 8:30 am من طرف عائشة القذافي
» معمر القذافي علي قيد الحياة بالدليل القاطع
الإثنين ديسمبر 08, 2014 8:24 pm من طرف الفارس الفارس