منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة )) 2622214386 القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة )) 4247595835 lol!

منتدى الفكر الأخضر


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بالدخول إذا كنت عضو معنا أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك و في حالة عدم معرفتك لطريقة التسجيل اضغط هنا

إدارة المنتدي

القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة )) 2622214386 القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة )) 4247595835 lol!

              " إن الطريق شاق و طويل و سوف يسقط كل من يدعي الثورية ، و لن يبقى في الميدان إلا الثوريون الحقيقيون الذين أمنوا بمبادئ الثورة و عقيدتها " .. قائد الثورة
               " إن عصر الجماهير وهو يزحف حثيثاً نحونا بعد عصر الجمهوريات يلهب المشاعر .. و يبهر الأبصار . و لكنه بقدر ما يبشر به من حرية حقيقية للجماهير ..و انعتاق سعيد من قيود أدوات الحكم .. فهو ينذر بمجئ عصر الفوضى و الغوغائية من بعده ، ان لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب .. و تعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب"  .. قائد الثورة
               " إلى الذين لم يفسدهم النفط .. الذين هم أغلى من أن يزج بهم في معارك ليست واجبة .. إلى الذين أصالتهم أعمق من جذور الإقليمية .. و إرادتهم أقوى من إرادة الإستعمار الذي يريد لهم الفساد و يريد لهم الإنكفاء .. الذين أقدموا على التطوع بوعي و إرادة و شجاعة .. و أدركوا أن هذه هي المواجهة الحقة .. و أن هذا هو الموقف الصحيح من التاريخ "  .. قائد الثورة

    القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة ))

    بنتك يامعمر
    بنتك يامعمر
    عضو مميز
    عضو مميز

    التسجيل التسجيل : 29/04/2013
    مساهمة مساهمة : 359
    التقييم التقييم : 21
    الجنس الجنس : انثى

    البلد البلد : ليبيا
    12052013

    القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة )) Empty القذافي يتكلم "الفصل الثاني" (( ثوّار بلا ثورة ))

    مُساهمة من طرف بنتك يامعمر

    ثوّار بلا ثورة



    كما يعلم الجمع والجميع أنّ الثورة في تونس انطلقت نتيجة تراكمات مزمنة من القمع البوليسي والإدارة الأمنية المتحكِّمة التي كانت تحصي حتى شهيق وزفير التوانسة، معطوفاً عليها العوامل الإقتصادية التي كانت وقبيل الثورة تنذر بحدوث انفجار اقتصادي معيشي، كنتيجة حتمية لجيش العاطلين عن العمل الذين تقذف بهم الجامعات سنوياً إلى أرصفة الطرقات. فالإقتصاد التونسي المبني على ثالوث السياحة والزراعة والتجارة، بالإضافة إلى العمالة التونسية المتمركزة في ليبيا خصوصاً، فضلاً عن المساعدات الأميركية السنوية، لم يستطع القيمون عليه في الوزارات والإدارات والمرافق إجراء معالجة شفائية له وذلك بسبب الفساد المتسرِّب من بطانة الرئيس التونسي وأنسبائه المتحكّمين في شرايين الإقتصاد التونسي وفي شتّى المجالات.

    أمام هكذا فساد مستشرٍ بشكل لا يحتمل ولعشرات السنين مدعومٍ بقمع سياسي وأمني من الدرجة الأولى، لم تجد الثورة التونسية نفسها بحاجة لأكثر من عود ثقاب أشعله محمد البوعزيزي في جسده، حتى تصل النيران إلى عرش قرطاج الذي أصبح بين ليلة وضحاها في خبر كان.

    وفي البحث عن أسباب الثورة المصرية، فلن نجهد كثيراً حتى نجد النسخة المصرية عن الأصل التونسي. وهكذا فإنّ تقليد المصريين للتوانسة ساهم في بروز بعض التطويرات الإيقاعية للثورة المصرية، التي كانت أسبابها تتجلّى في العامل الإقتصادي من بطالة وفقر واحتكار بطانة مبارك لمحرِّكات العجلات الإقتصادية بشكل عام، بالإضافة إلى تراكمات القبضة الأمنية الجامدة المُمسِكة بتلابيب المصريين.

    لكنّ اختلاف موقع ومكوّنات وأهمية وخصوصية كل من المجتمعين التونسي والمصري لم يعكس اختلافاً ولو بسيطاً في أسباب حدوث الثورة في البلدين ولا في اختلاف شعاراتهما وأسلوب التظاهر والاحتجاج، فما يدعونا للتأمّل مليّاً يتمثل في ماهيّة الأسباب التي جعلت الثوار المصريين يُسقطون من حسابات ثورتهم على نظام مبارك، عدم المطالبة بقطع العلاقات مع «إسرائيل» وعدم المطالبة بإقفال سفارتها في القاهرة، وعدم المطالبة باستدعاء السفير المصري من الدولة العبرية، وأيضاً عدم المطالبة بإلغاء إتفاقيات كامب ديفيد، فضلاً عن عدم المطالبة بفتح معبر رفح مع غزّة.

    العلاقة المصرية مع إسرائيل خط أحمر، عَرَّضَهُ لاحقاً، أي بعد إسقاط مبارك، المجلس الإنتقالي للحكم في مصر ممثّلاً بالمجلس الأعلى للقوات المسلّحة المصرية الذي أعلن جهراً وصراحة وعلى الملأ: «إنّ مصر ستبقى تحترم الإتفاقيات الدولية»، والمقصود هنا أولاً وليس آخراً، إتفاقيات كامب دايفيد، وذلك وسط عدم احتجاج وتظاهر ثوار مصر على بيان المجلس العسكري المصري حينذاك.

    ممّا تقدّم، يتضح بأنّ أسباب وعوامل شبه متطابقة وقفت خلف الثورتين المصرية والتونسية، لكن لا نعلم حتى اليوم لماذا لم تستخدم الثورة المصرية فائض الأسباب السياسية والجوهرية الأخرى للإطاحة بنظام مبارك ونعني حصراً الأسباب الإسرائيلية. فمن يقف إذن وراء التفجيرات المتتالية لخط الغاز الممتد من مصر إلى إسرائيل لتغذية الأخيرة واستمرار الضخّ لها؟.

    وعلى أيّة حال، إذا كانت العوامل الإقتصادية السياسية الأمنية المشتركة هي الواقف وراء الثورتين التونسية المصرية، فإلى أيّ مدى تطابقت أسباب هاتين الثورتين مع أسباب نظيرتهما الليبية؟.

    يُخطئ من يظن أنّ اثنين يختلفان حول حقيقة أنّ المواطن الليبي هو المواطن العربي الوحيد الذي بمقدوره العيش برفاهية المواطن الخليجي نفسها. ولعلّ الظاهرة العَمَالية المعروفة في الوطن العربي والمتداولة على ألسنة المواطنين العرب حاملي جنسية دول عربية معروفة بحجم بطالتها المتصاعدة، رغم أنّ بعضها دول نفطية مثل ليبيا، تقول: إن الليبي ليس فقط لا يعمل في الخارج، بل إنّه لا يعمل حتى في وطنه، وإنّ ذلك لا يعود حسب خبراء الإقتصاد إلى قلّة عدد سكان ليبيا مقارنة بثرواتها النفطية الهائلة فحسب، وإنّما يعود بشكل رئيس إلى نهج إقتصادي اعتمدته الدولة الليبية منذ أربعة عقود، ينهض على نظام إقتصادي إجتماعي ابتكره القذّافي، وهو النهج الذي جعل الطبقة الوسطى في ليبيا هي الطبقة الأشمل والأكثر انتشاراً بفعل التطبيق الواسع لفلسفة النظرية الإقتصادية التي تنهض على مبدأ «شركاء لا أجراء».

    وإذا كان الليبيون يعرفون جيداً ماهيّة ومفهوم هذه النظرية كونهم عاشوها وعايشوها وشكلت بالنسبة لهم مصدر أمان نفسي فضلاً عن الإقتصادي، إلّا أنّ المواطن العربي غير الليبي، لا يعرف الكثير عن هذه النظرية، لا بل للأسف، يمكننا القول جازمين أنّ الأخصائيين العرب في علم الإقتصاد لم يتوقفوا عند هذه النظرية لأسباب متعدِّدة، بعضها يعود إلى موقف مسبق اتخذه هؤلاء من الزعيم الليبي، وبعضها يعود إلى كسل وتقصير منع هؤلاء من البحث في هذه النظرية التي لم يكن المطلوب منهم مديحها بقدر ما كان المطلوب منهم نقدها نقداً بنّاءاً يُبرز ويُبيّن سلبياتها قبل إيجابياتها.

    لكن وعلى أيّة حال، وبالرغم من أنّي لست خبيراً اقتصادياً، ولا يمكنني أن أدّعي ذلك، إلّا أنّ بساطة نظرية القذّافي «شركاء لا أجراء» كما بساطة كل أطروحاته الأخرى رغم غزارة وإشكاليات ومشاكل مضامينها من جهة، ومعايشتي لمرحلة طويلة من تاريخ ليبيا الحديث وهي مرحلة معمّر القذّافي من جهة أخرى، هما عاملان مهمّان يسمحان لي بقول كلمة في هذه النظرية الإقتصادية المثيرة للإهتمام والجاذبة للجدل. فماذا تعني نظرية «شركاء لا أجراء» وفق أبجديات الفكر الإقتصادي، وأين تتموضع هذه النظرية في سلّم النظريات الإقتصادية السائدة والمعتمدة حول العالم؟ بمعنى آخر ما الفرق بين أن تكون أجيراً عاملاً وبين أن تكون شريكاً فاعلاً؟ وهل يمكن في الأساس، سواء في النظام الإشتراكي أو في النظام الرأسمالي، أن يكون الأجير شريكاً؟.

    الكتاب الأخضر الذي تضمنته هذه النظرية لطالما تمّت «شيطنته» من قبل قوى دولية وإقليمية وعربية معروفة كما من قبل مؤسّسات إقتصادية دولية تتحكَّم في الإقتصاد العالمي، وسخّرت لأجل ذلك مجموعة ضخمة من الوسائل والآليات كان آخرها متمثّلاً بشكل نافر في الفضائيات الغربية والعربية التي ومن باب التمهيد الواضح والصريح للهجمة الأطلسية العربية الإسلامية الأخيرة على معمّر القذّافي وشرعنتها وشَعْبَوَتِها عربياً، قد عملت بشكل مكثّف ومدروس على ترذيل القذّافي ونظرياته ومنها نظرية «شركاء لا أجراء»، والتي لا نبالغ في القول إنّها نظرية عندما طُرحت جاءت بــــ «مثابة» الإنقلاب على التعاليم الإقتصادية السارية والمعمول بها في العالم كما قال احد اساتذة الاقتصاد الليبيين، وهي التعاليم التي أوصلت العالم إلى الأزمة الإقتصادية التي ما زلنا حتى اليوم نعيش غياب جواب سؤالها المفصلي القائل: «من هم الخاسرون منها ومن هم الرابحون»؟.

    ولأنّ بديهية السياقات تقول إنّ ربّ العمل هو دائماً الرابح، وإنّ الأجير هو دائماً الخاسر، وإنّه عندما تتّسع الهوّة بين الأقلية الرابحة والأكثرية الساحقة الخاسرة، يكون حدوث الأزمات الإقتصادية نتيجة أكثر من طبيعية، خصوصاً عندما يكون القطب الإقتصادي المتربّع منفرداً على عرش الدورة الإقتصادية والمتحكِّم بعجلات مساراتها العالمية هو القطب الرأسمالي، عند ذلك يكون تبيان النظريات الإقتصادية المناقضة ممرّاً لا بدّ من العبور منه في عملية البحث عن البدائل التي يجب أنْ تُشكِّل صمّام أمان المجتمعات.

    هذه المعادلة تكون أكثر من حاجة، لا بل وتفرض نفسها في دولة مثل ليبيا، حيث يتأتّى أكثر من 90 % من دخلها القومي من عائدات النفط والغاز، وهذا ما يساهم بدوره في قيادة الدولة للعملية الإقتصادية.

    ولقد كانت الدولة الليبية السؤال الأول لامتحان جدارة وضع هذه النظرية موضع التطبيق، ذلك أنّه من المعروف في ليبيا بأنّ جزءاً كبيراً من عائدات النفط توزّع بشكل متساوٍ على الأسر والعائلات الليبية في إطار ما عرف بــــ «المحافظ الإستثمارية» تبلغ قيمة المحفظة الواحدة منها التي تُمنح لكل أسرة محدودة الدخل 30 ألف دينار.. يُستلم منها مبلغ 500 دينار شهرياً كعائد استثماري «الدولار يساوي 1.250 ديناراً ليبياً»؛ وقد تمّ الشروع في هذه المحافظ وتوزيعها منذ عام 2007 فوُزّعت إبتداءً على العائلات الأكثر حاجة، ثم اتّسعت دائرتها لتشمل عائلات أقل احتياجاً منذ أنْ كشف العقيد القذّافي عن وجود مليون فقير في ليبيا..

    وقد بلغ عدد الأسر المستفيدة من هذه المحافظ 180 ألف أسرة بحسب إحصائيات «صندوق الإنماء الإقتصادي والإجتماعي» الذي أنيطت به مسؤولية تنفيذ هذه المهمة وكانت النتيجة الأولى لذلك أنّ هناك حدّاً أدنى من المال يتوفّر شهرياً للجميع، وهو الحدّ الذي يسمح لأيّ مواطن ليبي باختيار طبيعة وشروط العمل الذي سيؤمِّن له مدخولاً آخر.

    ونحن إذْ نُعرِّج على كل هذه الحقائق الإقتصادية فإنّنا لا نرمي من وراء ذلك إلى القول بأنّ المواطن الليبي يعيش كما المواطن السويسري أو الياباني، وإنّما لنقول بأنّ العامل الإقتصادي يُحذف في الحالة الليبية من دفتر شروط إندلاع ثورة. أضِفْ على ذلك أنّ فقراء ليبيا وهم الذين يشكّلون الطبقة التي تحتاج إلى معونة الدولة هم أوّل من وقف بوجه «الثورة» التي ظنّت أنّها قادرة على الإطاحة بنظام معمّر القذّافي. لا بل إنّ فقراء ليبيا وخصوصاً أهالي وأبناء منطقتي «أبوسليم» و«الهضبة» في طرابلس على سبيل المثال، واللتين كان نظام العقيد القذّافي يتوجّس منهما، على اعتبار أنّهما وبحسب التحليلات، يشكِّلان أحزمة بؤس وفقر نسبي مقارنة بسواهما حول طرابلس وسيكونان تلقائياً رأس حربة الهجوم عليه، قد شكّلا المفاجأة وتحوّلا إلى حزام أمان للعقيد ونظامه. لكن لماذا وقف الفقراء مع القذّافي؟.

    ثمّة إشكالية كبرى تحول دون فكّ لغز أسباب الإرتباط الوثيق بين الأحياء والمناطق الليبية الفقيرة عامة ونموذجها المقيم في طرابلس وحولها خاصة وبين القذافي، وأعتقد أنّ باحثي علم الإجتماع الليبيين وغيرهم سيُسهبون في المستقبلين القريب والبعيد في أخذ هذه المفارقة وإشباعها دراسة وبحثاً، إذْ أنّها ظاهرة اجتماعية متمرِّدة وناقضة لنظريات علم الإجتماع الذي يقول بأنّ الفقر والثورة وجهان لعملة واحدة، ففي ليبيا لم يكن هناك من فك للارتباط بين الفقراء والقذافي.

    دعوني أعفي نفسي من التحليل، فكما أنّي لست خبيراً في علم الإقتصاد فأنا لست خبيراً أيضاً في علم الإجتماع، وسأكتفي معكم بطرح بعض التساؤلات التي ربّما تشكل مساهمة أو مدخلاً للإجابة على السؤال الظاهرة الذي أعود وأكرره: لماذا وقف فقراء ليبيا مع «القائد» كما يحلوا لهم أنْ يسمّوه؟.
    هل لأنّ معمّر القذّافي هو بدوي نشأ وترعرع وتربّى في البادية وعندما أصبح قائداً لم يتخلَّ عن بدويته فعرفه العالم وليس فقط الليبيون أنّه والخيمة وجهان لعملة واحدة؟.

    وهنا دعوني أستطرد قليلاً لأقول بأنّ الفضائيات العربية بذلت الكثير من الجهد لتُظْهِر القذّافي بمظهر صاحب الثراء الفاحش والقصور المترامية الأطراف التي هي مموِّلة هذه الفضائيات، لكنّ كاميرات وأجهزة بثّ شتى الفضائيات لم تتمكّن سوى من التقاط صور تلك الخيمة الشهيرة، وبعض المنازل البسيطة التي فشلت تلك الفضائيات في تسويقها على أنّها قصوراً مترفة، لتدير عدسة الكاميرا وجهها مع كل عناصر الإثارة والتشويق باتجاه باطن الأرض لتصوّر الأنفاق اللغز؛ اللغز المستمر حتى اليوم، ذلك أنّهم لم يتمكنوا من السير فيها أكثر من بضعة أمتار. وبالطبع فهذه الأنفاق لم يُنشئها القذّافي كملجأ يحميه من فقراء ليبيا، فهو «جارهم وابن شارعهم» كما يُردِّدون ـــــ فلمن لا يعلم، فإنّ مقرّ «باب العزيزية» متجاور تجاوراً لصيقاً لمنطقتي أبوسليم والهضبة الخضراء الفقيرتين ـــــ وإنّما أنشأها لمحاولة إتقاء شرّ غارة أميركية أطلسية خليجية غادرة.

    ونتابع معكم التساؤل عن لغز العلاقة بين القذّافي وفقرائه، لنصل إلى مشهديّة لم تنجح كل الفضائيات في طمسها، فإذا كان طبيعياً أنْ يقف فقراء طرابلس مع قائدهم منذ بداية الحرب إلى لحظة بقائه في طرابلس، فإنّه من غير الطبيعي أنْ يستمر هؤلاء الفقراء في موقفهم بعد سقوط طرابلس وانتقال القذّافي إلى مدينة سرت ليدير المعركة من هناك، وليتعرّض فقراء أبوسليم وبعد سقوط طرابلس إلى غزوة جرّدها ثوار الناتو على الأرض، أمّا من السماء فطائرات الأطلسي صبّت حممها على الأهداف المدنية الفقيرة في أبوسليم بهدف تدميرها وإسكات صوتها، واعتبار أنّ طرابلس قد سقطت فعلاً بسقوط أبوسليم. لكن رغم ذلك وحتى اللحظة ما زال أبناء الهضبة وأبوسليم يردِّدون «معمّر في قلوبنا وإنّا على دربه لسائرون».

    وما زلنا نتساءل عن سبب وقوف فقراء ليبيا إلى جانب القذّافي فنصل إلى سؤال يقول: هل إنّ هذا الوقوف يعود إلى حقيقة أنّ أغنياء ليبيا ومسؤوليها ووزراءها هم أول من استلّ سيف الإنقلاب، ليغرسوه في ظهر قائدهم بعدما كانت بطونهم تنحني له سنوات وعقوداً؟.

    أثبتت مجريات الأزمة والأحداث في ليبيا أنّ المعركة لم تكن بين فقير وغني، فلو كان الأمر كذلك لكان كل الفقراء في جبهة وكل الأغنياء في جبهة مضادّة، لكنّ الأمر ليس كذلك، بدليل أنّ هناك فقراء حملوا السلاح ضد القذّافي وهذا أمر أكثر من طبيعي، لكن لم يفعلوا ذلك بوصفهم فقراء، وإنّما لأسباب أخرى سنعرِّج عليها في صفحات أخرى من هذا الكتاب.

    وإلى أنْ نعرِّج عليها، نتابع التحليل في أسباب انحياز الشريحة الأكبر من الفقراء إلى جانب القذّافي، ذلك أنّ مجرّد انحيازهم هو بحدّ ذاته تحييد صريح وواضح منهم لشخص معمّر القذّافي من سببية فقرهم وبؤسهم، فالحقيقة التي ترسّخت في أذهانهم تقول «بأنّ هناك من خطّط ونظّم ونفّذ منهجياً جريمة إفقارهم»، ولقد بانت هذه الحقيقة عندما كان أول المنشقّين عن نظام القذّافي والذين غسلوا أيديهم منه، هم المسؤولون الذين يتولون السلطة التنفيذية لا التقريرية في الدولة الليبية، وكان هدفهم الأكبر من عملية الإفقار هذه يتمثّل في تأليب من تمّ إفقاره لتحريضه على التمرّد على الزعيم الليبي، والحجّة موجودة دائماً وهي أنّ السلطة التقريرية هي بيد القذّافي وحده لا غير، أمّا هم فليسوا إلّا أدوات تنفيذية تنفِّذ ما تؤمر به من القائد.

    وهذا كلام صحيح، لكنّ صحته تتمركز فقط في القرارات السياسية الستراتيجية للدولة الليبية دون الإقتصادية والإنمائية التي تخصّ الوزراء الذين هم وحدهم على تماس مباشر يومي ولحظوي مع حاجات المواطنين.

    نحن هنا لا نتحدث عن ظواهر الفساد والإفساد والرشاوى والسمسرات ذائعة الصيت في الإدارة والمجتمع الليبيين، نحن هنا نتحدث عن مخطّط ممنهج مقصود يُعبِّد الطريق أمام قطار الثورات العربية الذي ما إنْ يصل إلى محطته الليبية حتى يجد ركابه مالئي الأرصفة يتسابقون لحجز مقعد لهم للوصول إلى برّ يظنونه الأمان. لكنّ ارتفاع سعر بطاقة ركوب القطار من جهة أولى، وعدم ثقة الكثير من الركاب بسائق القطار من جهة ثانية، والمخاوف التي ركبت عقول شريحة واسعة من الركاب لظنّهم أنّ «إسلامياً ما» مُحزِّماً القطار وليس نفسه بعبوة قد تقتل الجميع، هي وغيرها عوامل دفعت الكثيرين إلى ترك رصيف الإنتظار والعودة إلى خيمة لطالما عاشوا في ظلها الأمن والأمان والإستقرار والتي أصبحت الهدف المنشود لكل مواطن عربي إنطلاقاً من العراق وانتهاءً بما بعد ما بعد ليبيا.

    وبالعودة إلى الجانب الإقتصادي الليبي، فالكلام لا ينتهي فقط عند مبدأ «شركاء لا أجراء»، وإنّما يمتد في شرايين حياة المواطن الليبي، حيث مجانية التعليم تطال المواطن الليبي من المرحلة الإبتدائية وحتى المرحلة الجامعية، لتصل ضمناً إلى مرحلة التخصّص في الخارج وعلى حساب ونفقة الدولة الليبية من أقساط التحصيل العلمي، إلى تكاليف الإقامة والسفر والأبحاث والمراجع وخلافه. وبهذا المعنى تكون ليبيا الدولة شبه الوحيدة التي تتكفّل بشكل كامل بتكاليف دراسة طلابها في الخارج بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية والعرقية والجهوية.

    وإلى التعليم، فإنّ التطبيب هو مجاني لكلّ مواطن ليبي، استشفاءً ودواءً، لا بل إنّ حالات العلاج الصعبة تتم في الخارج وعلى نفقة الدولة، وهو ما تجيب عنه بروتوكولات التعاون بين وزارة الصحة الليبية ووزارات الصحة في مختلف الدول العربية وخصوصاً تونس ومصر والأردن، ناهيكم عن مشافي الدول الأوروبية.

    مقولة «البيت لساكنه»، التي نصّ عليها الكتاب الأخضر ومن ثمّ القوانين الليبية السارية، جعلت كل أسرة ليبية تمتلك مسكنها، وهناك في ليبيا مئات آلاف الوحدات السكنية التي شُيّدت خلال الأعوام الماضية وفي كل المدن الليبية، لتكون بمثابة تجديد للمدن والقرى والبلدات من جهة ولتوفير مساكن لائقة خصوصاً للشباب في إطار حلّ جذري لهذه المشكلة، وتباع بأسعار أكثر من تشجيعية، لا بل إنّها تصل إلى شبه المجانية. وفي خطوة غير مسبوقة سارعت الدولة بالإعداد لخطة خماسية (2007 ـــــ 2012) تقضي بتوفير ما يزيد عن نصف مليون وحدة سكنية للتخفيف من حدّة أزمة السكن التي تفاقمت بسبب التزايد السريع في النمو السكاني الليبي الذي بلغ أكثر من خمسة ملايين نسمة، وقد انتهت الدولة فعلاً من تجهيز ما يزيد عن مئة ألف وحدة سكنية جاهزة للتوزيع على مستحقيها عشية اشتعال الأحداث في ليبيا في 15 شباط / فبراير 2011.

    أمّا السيارات والمركوب الشخصي فغني عن القول أنّ كل قطاع في الدولة أصبح يستورد السيارات الخاصة لتوزّع على العاملين في قطاعه بسعر الكلفة مع الإعفاء الضريبي والجمركي، ولذلك نجد أنّ ليبيا قد جدّدت أسطول السيارات المدنية الخاصة خلال بضع سنوات من رفع الحصار.

    أمّا الكهرباء فغني عن القول بأنّ ليبيا تمتاز بشبكة كهربائية تغطي المدن والقرى كافة، تمتد باتساع قارّة لتصل حتى إلى تلك القابعة في أعماق الصحراء، وتقدّم بأسعار زهيدة وشبه مجانية رغم عدم التزام المواطنين جميعاً بدفع رسوم اشتراك الكهرباء.

    غير أنّ الحقيقة التي تختصر كل الشروحات الإقتصادية التي تقدّم ذكرها تقول بأنّ المواد الغذائية الأساسية والماء الصالح للشراب والإستعمال والطاقة من بنزين سيارات وغاز منازل وخلافه، لا يحتاج تأمينها مجتمعة أكثر من عشرين بالمائة من مدخول أفقر أسرة ليبية.

    ولا يمكن للبحث عن ليبيا ـــــ الإقتصاد أنْ يستقيم ويكتمل بخطوطه العريضة دون ذكر حقيقتين جوهريتين:

    أمّا الأولى فتقول بأنّ عدد سكان ليبيا لا يتجاوز ستة ملايين نسمة في حين أنّ عدد الذين يعيشون على أراضي الجماهيرية يتجاوز الخمسة عشر مليون نسمة، بين مصري وتونسي وجزائري وسوري وفلسطيني ولبناني وعراقي وجنسيات أخرى، وهي الحقيقة التي ما كان لها أن تكون لولا المقولة التي أطلقها القذّافي ذات يوم «نفط العرب للعرب وليبيا أرض كل العرب».

    وأمّا الحقيقة الثانية فتقول بأنّ ليبيا تصرّفت في إفريقيا أو مع إفريقيا كصندوق هبات تُصرف أمواله على مشاريع إنمائية ودينية واقتصادية واستثمارية مختلفة، ولم يكن هذا الصندوق عندما أُنشئ بتوجيهات من العقيد القذّافي مرتبطاً بقراره الطلاق مع العرب والتوجه نحو إفريقيا، ولم يكن مرتبطاً أيضاً بمشروعه الكبير في إنشاء الولايات المتحدة الإفريقية، وإنّما كان نابعاً فقط من رؤية مُشكّلة من مزيج عاطفي إنساني مزوّد برؤية استراتيجية تقول بأنّ الإستثمار في إفريقيا هو إستثمار رابح، فإفريقيا ستكون ذات يوم قبلة مشاريع استراتيجية دولية متناحرة، كما كان نابعاً أيضاً من إدراكه العميق لمغازي التغلغل الإسرائيلي في القارّة السمراء واستثمار إسرائيل في جوع وحرمان الأفارقة.

    وانطلاقاً من ذلك، يتّسم كل إنسان مهما كانت مرتبته العلمية باللامنطق إذا أغفل أثناء تحليله لدوافع حرب الناتو الأخيرة على ليبيا، الخلفية الإفريقية التي شكّلت أحد أهم دوافع وبواعث هذه الحرب، فقطع يدْ معمّر القذّافي في القارة الإفريقية، شكّل وخصوصاً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين هدفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وهي اليد التي إنْ تمّ بترها فقد يُصاب النفوذ الصيني في إفريقيا بدوره بشلل نصفي.

    لكن إذا كان الوضع الإقتصادي المعيشي للمواطنين الليبيين على هذا النحو المُشار إليه أعلاه، فلماذا يدّعي معارضو القذّافي ويتهمونه بأنّه مارس التجهيل بحقّ الشعب الليبي، وأنّه رسّخ التخلّف في بلده؟ وهو الإتهام الذي «شَيْطَن» صورة القذّافي لدى الرأي العام العربي والعالمي الذي سار مع شتى الفضائيات في ركوب موجة الحرب الأطلسية مبرّراً الحرب على ليبيا وقائدها؟.

    يُثير هذا السؤال ـــــ اللغم الكثير من الحقائق المخفيّة عمداً أو جهلاً بواقع الأمور وحقيقتها، حول فكرة التجهيل الشيطانية هذه.

    إن الحقيقة التي ينبغي طرقها بقوّة تقول بأنّ الشخصية الليبية المكوّنة من مجموعة من مختلف التناقضات ساهمت في بثّ روح سلبية هدّامة في المجتمع والدولة، وهي روح التعاطي مع الدولة ومؤسّساتها بنوع من الإنتهازية الرخيصة، التي تقوم على مبدأ السمسرة والعمولة في الإيفاد إلى الخارج.
    فكما أسلفنا إنّ الدولة الليبية طبقت ما نظّرت به لجهة أنّ التعليم هو حقّ للجميع في الداخل والخارج، وأنّ الجهل سينتهي عندما يقدّم كل شيء على حقيقته وأنّ المعرفة حق طبيعي لكل إنسان، وعملت في ضوء القوانين السارية وهي القوانين التي كانت تُقرّ من قبل المؤتمرات الشعبية الأساسية ثم مؤتمر الشعب العام، أيّ الشعب الليبي نظرياً، على تكريس هذا الحق وعدم المساس به بتاتاً. فإذا كانت جودة التعليم في ليبيا سيّئة كما تقول الإتهامات، فهل جودة التعليم في أوروبا وأميركا أيضاً سيئة؟ وقد تمكّن عشرات الألوف من الليبيين من التعلّم فيها خلال ما يزيد عن أربعين سنة.. وقد بلغ عدد الموفدين للدراسة في الخارج مطلع عام 2011 أكثر من 15 ألف طالب بحسب إحصائيات أمانة التعليم العالي في ليبيا.

    من خلال معايشتي ومقاربتي للواقع الليبي وبحثي في هذا الملف الحسّاس مع أصحاب الإختصاص في أمانة التعليم ورؤساء الجامعات الليبية وأيضاً مع أمانة اللجنة الشعبية العامة التي تنفذ قرار إيفاد الطلّاب للدراسة في الخارج سنوياً، تبيّن أنّ عدداً مهمّاً من الطلبة المرسلين للدراسة في الخارج على نفقة الدولة، يشعرون بسهولة الحياة، فلا هم ولا أهاليهم يتكبّدون مصاريف وأقساط الدراسة في الخارج، فالدولة تحل محل الأهل في هذا المجال، فتُخصّص المنح الدراسية للطلبة بحسب الظروف المعيشية والإقتصادية في الدولة التي يقصدونها. وعلى هذا الأساس يتحصّل الطالب على راتب شهري يكفيه لحياة مرفّهة أثناء تحصيله العالي التخصّصي ما بعد الجامعي، وإذا ما كان الطالب متزوجاً فإنّ المنحة تشمل بدل السكن العائلي ومعيشة الأسرة. وهكذا فإنّ كل طالب يتحصّل على منحة مالية طيلة فترة دراسته الممتدة إلى ما لا يقل عن 36 شهراً كحد أدنى.

    وتقول النتيجة التي تمّ التوصل إليها بأنّ الطلبة الذين أنجزوا دراستهم بدون رسوب وضمن النطاق الزمني المتوقع هم قلة قليلة، أمّا الغالبية فكانوا يرسبون ويكرّرون سنوات دراستهم، فكيف لا يسترسبون والمنحة تصلهم دونما انقطاع. ثمّة إذن أمر سيّئ في خلفية العديد منهم بأنّه ماذا سيفعل عندما يتخرّج ويعود إلى بلاده؟ وما هو الراتب الذي ينتظره؟ وكيف سيوفّق بين حياة الترفيه في الخارج كطالب وحياته كمتخرِّج متخصّص مثله مثل بقية مواطنيه الليبيين؟ هل سيعود ليعمل أستاذاً في الجامعة أو طبيباً في المستشفى أو مهندساً في الإتصالات، أو غيرها من المهن براتب لا يصل إلى ألف دينار، علماً أنّها تكفيه لحياة كريمة في بلاده، في حين أنّ منحته الشهرية كطالب تتجاوز ذلك نسبياً.. هنا تكمن الإشكالية الحقيقية، فإذا كانت تونس تعاني من بطالة مثقفة، فإنّ الكثيرين من الليبيين المتخرجين من الجامعات الغربية يعملون وفق هذه العقلية من الإنتهازية والوصولية، الأمر الذي أدّى إلى بطالة سلبية معكوسة ليست ناتجة عن انعدام فرص العمل بل ناتجة عن كسل نية وانخفاض في مستوى روح المسؤولية لدى هؤلاء تجاه مجتمعهم وأهلهم ووطنهم.

    وإذا كانت العوامل الإقتصادية والبطالة وغيرها المسمّاة بــــ «الأوبئة» هي اتهامات لم تُكلِّف أي منصف وحيادي لا يعمل وفق أجندة سياسية عناء التحقّق والتثبّت منها ومن مناقشتها، فتلقفها الإعلام وجعلها مادة تضاف إلى الشعار الخطير المزوّد بفتوى كاتمة للنفس والذي انتشر بسرعة.

    القذّافي يُفقِر شعبه ويقوده إلى التخلف إذن.. فسجّلوا يا عرب، لكن ماذا نسجل في سجلات الثورة؟.

    المصدر : http://alichendeb.blogspot.com/2013/04/blog-post_6.html
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    لا يوجد حالياً أي تعليق


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 2:04 pm