نصرالله والمقاومة عند القذّافي
في تونس ومصر.. كان السيّد نصر الله مُجبراً على تبنّي الثوار والثورة، فالإطاحة بالنظامين التونسي والمصري كانت بالنسبة للسيّد نصر الله أكثر من استراتيجية، لكنّ الأمر الذي دفع بالسيّد نصر الله بقوّة لكي يبارك ثوار تونس ومصر ـــــ وهنا لم تكن قد بدأت الثورة في ليبيا بعد ـــــ يتمثل بضربة استباقية أراد السيّد نصر الله أن يُبادر بها، فمصطلح الثورة في زمن الربيع العربي جعل مصطلح المقاومة في خبر كان، لا بل جعل المقاومة كفعل ونظرية في خبر كان، وذلك ليس لأن كلمتي «ثوار وثورة» أطربتا الآذان لتردّدهما اليومي وترديدهما أكثر من ألف مرة يومياً في حين تبخّر مصطلح المقاومة وغاب عن التداول الإعلامي وبلعته حتى الألسن التي كانت تلهج به، وإنّما وهنا الأخطر، لأنّ الثوار العرب بأكملهم، بقضِّهم وقضيضهم لم يضعوا المقاومة في جدول أعمال ثوراتهم، فكان على السيّد نصر الله أنْ يقول من خلال عملية تبنّيه تلك للثورات العربية، بأنّ الثورة هي الإبن الشرعي للمقاومة، لكنّ كل الذين لطالما رفعوا صور السيّد نصر الله من القاهرة وحتى دمشق أداروا له الظهر في أشهر الثورة الحرم.
كان على السيّد نصر الله إذن أنْ يتعمّد القول بأنّه ما كان للثورتين التونسية والمصرية أنْ تنجحا لو لم يكن جيشا البلدين على الحياد، مستعملاً العبارة اللغم التي لم يقف عندها أحد ليستفسره حولها وبشأنها وهي عبارة «أيّا يكن هذا الحياد»، فلو كان الأمر تلقائياً وبريئاً ولو كانت وقفة الجيشين التونسي والمصري وطنية خالصة نابعة فقط من مشاركة هذين الجيشين لهاتين الثورتين بثوارهما، بقضية الخلاص والتخلّص من نظامين مستبدين فاسدين، لما كان هناك من رادع أو مانع في أنْ يقول السيّد نصر الله صراحة بأنّ حياد الجيشين كان إيجابياً، لكنّ السيّد نصر الله قصد أنْ يضع علامة استفهام حول خصوصاً الجيش المصري ذي التاريخ العريق في المواجهات مع إسرائيل، ذلك أنّ الإعتراف بهذا الأمر، يدرك السيّد نصر الله، أنّه يخِلّ بميزان القوى بين الثورة والمقاومة فتتغلّب الثورة على المقاومة وهو ما يُرذله زعيم حزب الله.
وفي نفس الوقت لا يُمكن للسيّد نصر الله أنْ يقول بأنّ الوقوف الحيادي، أيضاً خصوصاً للجيش المصري كان بأمر من الأميركيين، سيّما وأنّ رئيس أركان الجيش المصري سامي عنان قد قام وقبل يومين من إندلاع الثورة المصرية بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ مثل هكذا قول يجعل مصر الجديدة أو مصر الثورة وإلى الأبد عدواً للسيّد نصر الله، سيّما وأنّ المصري يقبل بكل شيء إلّا التشكيك في وطنية جيشه وبطولاته.
يبدو إذن، أنّ مِسطرة السيّد حسن هذه المرّة كانت زئبقية، فقط لأنّ مصلحته اقتضت عدم المدح وعدم الذمّ بالجيش المصري فهو كان محايداً «أيّاً يكن هذا الحياد».
ولأنّ السيّد نصر الله يأخذ بعين النظر كل الإعتبارات، ولأنّ مِسطرته يجب أنْ تكون زئبقية أيضاً في مقاربة المشهد السوري، كان عليه أنْ يتناسى دور الجيش السوري في التعاطي مع الثورة السورية، فإن مدح هذا الجيش بشكل علني وواضح يكون السيّد نصر الله قد أخذ موقفاً مسبقاً من شريحة عسكرية كبيرة لا يدري في الغد أين ستكون، ولا نقصد بعبارة «أين ستكون» مسألة الإنشقاق، إنّما نقصد مسألة لعبة الأمم، وإنْ قال بأنّ الجيش السوري هو طرف أساسي لكنّه على الحياد، يكون بذلك كمن يغازل الثوار وخلفياتهم السياسية وما بعد السياسية، لذلك أتقن السيّد حسن عملية بلع اللسان فيما يخصّ مقاربته للجيش السوري، ووجد بالقول في أنّ ما يحدث في سوريا مؤامرة هو كاف لتفادي الوقوع في أكثر من مأزق يعرف السيّد نصر الله أنّ حتمية عدم الوقوع فيهم غير مؤكدة.
وفي المقاربة الليبية، فطالما أنّ الناتو هو من يتولّى المهمة عن السيّد نصر الله في الإطاحة بالقذّافي ونظامه، فكانت مصلحة «السيّد» وقضيته تقتضيان وضع واختصار المعركة في ليبيا بين الشعب الليبي الثائر والثوار الليبيين المجاهدين بحسب السيّد نصر الله من جهة، وبين شخص معمّر القذّافي من جهة أخرى، وهو إذ تعمّد في مقارباته الليبية إدارة الظهر لشيء إسمه الجيش الليبي غير المحايد فذلك بهدف تقزيم القذّافي وإظهاره أنّه وحيد في معركته مع الثوار، لكنّ الحقيقة التي يدركها السيّد نصر الله معكوسة تماماً، فلو لم تكن القوات المسلّحة الليبية في خندق الزعيم الليبي نفسه لما اقتدر العقيد القذّافي أنْ يصمد في وجه جيوش وأساطيل العالم لأكثر من ثمانية أشهر.
صمد القذّافي إذن أمام جيوش العالم أكثر ممّا صمد نصر الله بوجه إسرائيل في عدوان تموز 2006.
ويعرف السيّد نصر الله جيداً أنّ القذّافي كان جاهزاً وقادراً على الصمود لثمانية أشهر أخرى لولا لعبة الخيانة، فــــ «انطوان لحد» الذي كان خنجراً في جنوب لبنان ومقاومته انتقل إلى ليبيا ليكون خنجراً في عاصمتها وشرقها وغربها وشمالها وجنوبها، ولنا عودة إلى هذا الموضوع المهم في الصفحات اللاحقة من الكتاب، ولنا عودة أيضاً إلى السيّد نصر الله في الصفحات نفسها.
المصدر http://alichendeb.blogspot.com
/في تونس ومصر.. كان السيّد نصر الله مُجبراً على تبنّي الثوار والثورة، فالإطاحة بالنظامين التونسي والمصري كانت بالنسبة للسيّد نصر الله أكثر من استراتيجية، لكنّ الأمر الذي دفع بالسيّد نصر الله بقوّة لكي يبارك ثوار تونس ومصر ـــــ وهنا لم تكن قد بدأت الثورة في ليبيا بعد ـــــ يتمثل بضربة استباقية أراد السيّد نصر الله أن يُبادر بها، فمصطلح الثورة في زمن الربيع العربي جعل مصطلح المقاومة في خبر كان، لا بل جعل المقاومة كفعل ونظرية في خبر كان، وذلك ليس لأن كلمتي «ثوار وثورة» أطربتا الآذان لتردّدهما اليومي وترديدهما أكثر من ألف مرة يومياً في حين تبخّر مصطلح المقاومة وغاب عن التداول الإعلامي وبلعته حتى الألسن التي كانت تلهج به، وإنّما وهنا الأخطر، لأنّ الثوار العرب بأكملهم، بقضِّهم وقضيضهم لم يضعوا المقاومة في جدول أعمال ثوراتهم، فكان على السيّد نصر الله أنْ يقول من خلال عملية تبنّيه تلك للثورات العربية، بأنّ الثورة هي الإبن الشرعي للمقاومة، لكنّ كل الذين لطالما رفعوا صور السيّد نصر الله من القاهرة وحتى دمشق أداروا له الظهر في أشهر الثورة الحرم.
كان على السيّد نصر الله إذن أنْ يتعمّد القول بأنّه ما كان للثورتين التونسية والمصرية أنْ تنجحا لو لم يكن جيشا البلدين على الحياد، مستعملاً العبارة اللغم التي لم يقف عندها أحد ليستفسره حولها وبشأنها وهي عبارة «أيّا يكن هذا الحياد»، فلو كان الأمر تلقائياً وبريئاً ولو كانت وقفة الجيشين التونسي والمصري وطنية خالصة نابعة فقط من مشاركة هذين الجيشين لهاتين الثورتين بثوارهما، بقضية الخلاص والتخلّص من نظامين مستبدين فاسدين، لما كان هناك من رادع أو مانع في أنْ يقول السيّد نصر الله صراحة بأنّ حياد الجيشين كان إيجابياً، لكنّ السيّد نصر الله قصد أنْ يضع علامة استفهام حول خصوصاً الجيش المصري ذي التاريخ العريق في المواجهات مع إسرائيل، ذلك أنّ الإعتراف بهذا الأمر، يدرك السيّد نصر الله، أنّه يخِلّ بميزان القوى بين الثورة والمقاومة فتتغلّب الثورة على المقاومة وهو ما يُرذله زعيم حزب الله.
وفي نفس الوقت لا يُمكن للسيّد نصر الله أنْ يقول بأنّ الوقوف الحيادي، أيضاً خصوصاً للجيش المصري كان بأمر من الأميركيين، سيّما وأنّ رئيس أركان الجيش المصري سامي عنان قد قام وقبل يومين من إندلاع الثورة المصرية بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ مثل هكذا قول يجعل مصر الجديدة أو مصر الثورة وإلى الأبد عدواً للسيّد نصر الله، سيّما وأنّ المصري يقبل بكل شيء إلّا التشكيك في وطنية جيشه وبطولاته.
يبدو إذن، أنّ مِسطرة السيّد حسن هذه المرّة كانت زئبقية، فقط لأنّ مصلحته اقتضت عدم المدح وعدم الذمّ بالجيش المصري فهو كان محايداً «أيّاً يكن هذا الحياد».
ولأنّ السيّد نصر الله يأخذ بعين النظر كل الإعتبارات، ولأنّ مِسطرته يجب أنْ تكون زئبقية أيضاً في مقاربة المشهد السوري، كان عليه أنْ يتناسى دور الجيش السوري في التعاطي مع الثورة السورية، فإن مدح هذا الجيش بشكل علني وواضح يكون السيّد نصر الله قد أخذ موقفاً مسبقاً من شريحة عسكرية كبيرة لا يدري في الغد أين ستكون، ولا نقصد بعبارة «أين ستكون» مسألة الإنشقاق، إنّما نقصد مسألة لعبة الأمم، وإنْ قال بأنّ الجيش السوري هو طرف أساسي لكنّه على الحياد، يكون بذلك كمن يغازل الثوار وخلفياتهم السياسية وما بعد السياسية، لذلك أتقن السيّد حسن عملية بلع اللسان فيما يخصّ مقاربته للجيش السوري، ووجد بالقول في أنّ ما يحدث في سوريا مؤامرة هو كاف لتفادي الوقوع في أكثر من مأزق يعرف السيّد نصر الله أنّ حتمية عدم الوقوع فيهم غير مؤكدة.
وفي المقاربة الليبية، فطالما أنّ الناتو هو من يتولّى المهمة عن السيّد نصر الله في الإطاحة بالقذّافي ونظامه، فكانت مصلحة «السيّد» وقضيته تقتضيان وضع واختصار المعركة في ليبيا بين الشعب الليبي الثائر والثوار الليبيين المجاهدين بحسب السيّد نصر الله من جهة، وبين شخص معمّر القذّافي من جهة أخرى، وهو إذ تعمّد في مقارباته الليبية إدارة الظهر لشيء إسمه الجيش الليبي غير المحايد فذلك بهدف تقزيم القذّافي وإظهاره أنّه وحيد في معركته مع الثوار، لكنّ الحقيقة التي يدركها السيّد نصر الله معكوسة تماماً، فلو لم تكن القوات المسلّحة الليبية في خندق الزعيم الليبي نفسه لما اقتدر العقيد القذّافي أنْ يصمد في وجه جيوش وأساطيل العالم لأكثر من ثمانية أشهر.
صمد القذّافي إذن أمام جيوش العالم أكثر ممّا صمد نصر الله بوجه إسرائيل في عدوان تموز 2006.
ويعرف السيّد نصر الله جيداً أنّ القذّافي كان جاهزاً وقادراً على الصمود لثمانية أشهر أخرى لولا لعبة الخيانة، فــــ «انطوان لحد» الذي كان خنجراً في جنوب لبنان ومقاومته انتقل إلى ليبيا ليكون خنجراً في عاصمتها وشرقها وغربها وشمالها وجنوبها، ولنا عودة إلى هذا الموضوع المهم في الصفحات اللاحقة من الكتاب، ولنا عودة أيضاً إلى السيّد نصر الله في الصفحات نفسها.
المصدر http://alichendeb.blogspot.com
الأحد مايو 31, 2015 3:20 pm من طرف الفارس الفارس
» الإتحاد الأوربي و ليبيا
الأحد مايو 31, 2015 3:15 pm من طرف الفارس الفارس
» مدينة سرت الليبية و الجفرة و مناطق الوسط تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش )
الأحد مايو 31, 2015 3:02 pm من طرف الفارس الفارس
» سرت و نقص البنزين
السبت مايو 16, 2015 2:28 pm من طرف الفارس الفارس
» حديث اخضر اللثام للمنظمات الحقوقية عن مايحدث في طرابلس و ورشفانة
الخميس أبريل 30, 2015 8:24 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء أبريل 29, 2015 7:54 am من طرف عائشة القذافي
» بقلم الأستاذ : هشام عراب .
الأربعاء مارس 18, 2015 10:43 am من طرف عائشة القذافي
» نبوءة القذافي يحقّقها آل فبراير، ويقرّ بها العالم ،،
الأربعاء مارس 04, 2015 8:53 pm من طرف عائشة القذافي
» توفيق عكاشة يهدد التنظيم و يطالب أهالي سرت بعدم الذهاب للجامعة
الثلاثاء مارس 03, 2015 10:34 pm من طرف عائشة القذافي
» منظمة ضحايا لحقوق الانسان Victims Organization for Human Rights
الأربعاء يناير 21, 2015 8:49 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء يناير 21, 2015 8:30 am من طرف عائشة القذافي
» معمر القذافي علي قيد الحياة بالدليل القاطع
الإثنين ديسمبر 08, 2014 8:24 pm من طرف الفارس الفارس