ملاحظات حول كتاب الدكتور القشاط
بقلم / د. مصطفى الزائدي
بقلم / د. مصطفى الزائدي
لم اعلق علي حكاية اليوم الاخير التي قدمها الدكتور محمد القشاط على لسان شخص اسماه "ق" ، لكني علّقت بشكل غير مباشر علي ما نشر في صفحات التواصل الاجتماعي حول الاسير البطل خالد تنتوش , الا ان التعليقات حول الكتاب دفعتني للبحث عليه حتي تمكنت من ايجاد نسخة قراءتها فاستوجبت مني التعليق .
في البدء ، يستند بعض المدافعين على الكتاب الي حقيقة ان الدكتور محمد القشاط شخص غير مطعون في وطينته ومعروف بصدقه ،وانه الوحيد الذي تصدى لمحاولات تشويه حقبة ثورة الفاتح, برده على اكاذيب شلقم وادعاءات ليفي وترهات عميمور ، يقولون لماذا يتركون اولئك دون رد بينما يمطرون ما كتب الدكتور القشاط بسهام نقدهم ، ولهم في ذلك بعض من حق ضاهر , لكن الرد عليهم بسيط وهيّن يكمن في ان الناس جميعا ، يعلمون الغايات التي تدفع رؤوس الفتنة للكتابة ونشر الاكاذيب عندما يتحدثون عنّا ، فما يقوله شلقم وما في حكمه لا يعدوا كونه تبريرا لما اقترفوا بحق الوطن من جرائم وآثام , وسواء تم الرد عليها او لم يتم، فإن الناس تعلم انما هم كاذبون مزورون , ويرمون بأوراقهم الصفراء تلك في دورات المياه ,امّا عندما يكتب اناس من امثال الدكتور القشاط فالأمر حرى بالتمحيص والتدقيق والتوضيح , فهو يكتب من اجل الوطن وللدفاع عنه .
بالنسبة لي الدكتور محمد القشاط اخ كريم وصديق عزيز ورفيق نضال، لكن ذلك لا يمنع الاختلاف والحوار وتبيان ما قد يكون غير معلوم من امور ربما احطت بعلمها قليلا .
المأخذ الاهم على كتاب اليوم الاخير، انه استند الي راوي اسماه "ق" ، واسميه" القاف المجهول" ، وعند الحديث عن التاريخ، فلابد ان يكون الراوي شخصا معلوما ، وشاهدا عدولا ، ولا بد من التثبت من رواية الراوي من شخوص اخرين ،والاستدلال عليها بالوثائق والمستندات ،اما حكايات العجائز ونقل الاقوال بلا مصادر, وسرد تفاصيل من نسج الخيال لأجل حبكة المشهد فلا تستقيم عند محاولة الحديث للتاريخ والوطن , علاوة على محاولة اختصار ملحمة هامة غير مسبوقة في التاريخ الوطني الليبي في جهد شخص" القاف المجهول" فقدمه الكتاب شبحا يصول ويجول في كل الجبهات العسكرية والسياسية ، فذكرني ذلك بحديث المناضل مفتاح كعيبة حول شخصية " جرندايزر " الكاريكاتيرية، تلك الصورة التي يحملها اطفال السبعينات والثمانينات من الرسوم المتحركة ، فهو من يقتحم ويحقق ويوجه ، وهو من يستلم وصايا الشهداء الكبار , وربما نعيب علي الدكتور القشاط كيف يصدق على سبيل المثال ان الشهيد ابوبكر يونس سلّم وصيته الي القاف المجهول ولم يسلمها الي ابنائه الذين بقوا احياء يرزقون، هل تراه كان يرجم بالغيب فيعلم انهم مأسورون, وان صاحبنا سيكون من الناجين .
يدّعى "القاف المجهول"، انه من حرّاس القائد الشهيد واقرب اقربائه المقربون الذي لم يغب عنه طرفة عين ، ولأن القائد كان كتابا مفتوحا لكل الليبيين، فمن يا ترى يكون هذا اللغز المكتوم ؟ ، ومن هو هذا الكنز المدفون ؟، الذي نجده في الرواية هو القائد الميداني في كل المعارك تقريبا في شهر فبراير ومارس2011 فهو في جبهة مصراته والزاوية وفى ذات الوقت في البريقة وايضا يدير المعركة في الزنتان ، ويراقب من قرب سير الاحداث في بنغازي .ولمن ربما انطلت عليه كذبة ان القائد الشهيد كان يقاتل عن عرش مزعوم هو وابنائه، ويسخر كتائبه كما ادّعى المغرضون لقمع الشعب المنتفض ! لا بد من القول ان العمليات السياسية والعسكرية ضد العدوان ولكسر المؤامرة كانت تدار من مؤسسات الدولة الجماهيرية رغم ادعاءات المغرضين ، وكل العمليات العسكرية تقاد من غرفة عمليات الشعب المسلح بقيادة الشهيد البطل الفريق الهادي امبيرش رحمه الله ورفاقه من الضباط والجنود الشجعان, وانا علي يقين بان الدكتور محمد القشاط يعلم ذلك ، فأي امر او معلومة تتعلق بالعمل العسكري لمواجهة العدوان كانت تحال الي غرفة العمليات تلك ، فالمعركة لم تدار بطريقة الفزعة العائلية ولا القبلية وابناء القائد العسكريين , و خاصة الشهدين النيرين المعتصم وخميس كانوا يعملون ضمن تلك المنظومة العسكرية التي تمكنت من الصمود لعدة شهور في اطول معركة للناتو بعد الحرب العالمية الثانية ، نظرا لان حرب فيتنام وكوريا كانت عملا امريكيا احاديا ،وانكسرت المقاومة بسبب العدوان الدولي والحصار الرهيب الذي ضرب علي البلاد . لقد جاء الكتاب ملئا بالمعلومات الغير صحيحة ، ولم يتعرض لدور القيادات الحقيقية الميدانية الشعبية والعسكرية ، وغفل عن دور رجال ونساء كثر منهم من استشهد ومنهم من يقبع في السجون ومنهم من هو مهاجر بكرامته ، ولعل الدكتور القشاط احد اولئك الذين اعلم دوره في التصدي للعدوان في المنطقة الغربية ، ولا مجال في هذا التعليق المقتضب الخوض في تفاصيل يعلمها كثيرون غيري.
امّا في الخصوص ، فإن ما ورد علي لسان القاف المجهول في بعض امور اعلمها علم اليقين ،تلزمني بتوضيحها حتي لا يلتبس الامر علي البعض ولأجل التاريخ الصحيح ، وابداءها بحكاية استشهاد اخي ورفيقي المهندس سعيد راشد ، فهو لم يستشهد في كمين يوم ان القي القائد خطابه الشهير في بيت الصمود كما ادّعي القاف المجهول ،بل استشهد بعد ان القى المهندس سيف الاسلام فكّ الله اسره كلمته التاريخية لليبيين ، لقد استمعنا معا للخطاب بمكتب الاسير منصور ضوء ومعنا بعض الرفاق ،منهم من نال الشهادة كالرفيقين عبدالقادر البغدادي وابراهيم علي ومنهم احياء يرزقون كالأخ سليمان الكيلاني، يومها استلمنا بنادق للدفاع عن النفس ، وكان الشهيد سعيد راشد يتأجج عاطفة وحماسة، وبعد انتهاء الخطاب قرابة الثانية بعد منتصف الليل خرجنا معا، وذكر لي انه طلب المرور على القائد للسلام عليه فقيل له تفضل من باب الجزيرة ، كانت سيارتي خلفه تماما وعند وصولنا الي جزيرة الشهداء في باب المنار كانت قد اكتظت بالجماهير الزاحفة الي الساحة الخضراء من بوسليم، فلم نستطع مواصلة المرور وفرقت بيننا الجموع ،حيت عدت الي اعقابي لأسلك طريقا اخر في رحلتي اليومية الي سوق الخميس ، اما الشهيد سعيد و ونجله الشهيد حمزة اضطرا الي السير عكس الاتجاه واخذا طريق الوادي ،وربما اخدتهم الحماسة فقاما بإطلاق النار فرحا ،الامر الذي ربما ادي الي اطلاق نار من حرس الكتيبة كما اخبرني الاسير عبدالله السنوسي والاخ محمد بشير . ويمكنني ان انفي بالقطع ان يكون القائد في ذلك اليوم او بعده قد تعرض الي اية محاولة للاغتيال، انها فقط رواية من محض خيال القاف المجهول .
الامر الثاني يتعلق بقضية الايدز فلقد كنت ملما بها لكوني كنت امينا غير متفرغ لمجلس التخصصات الطبية ، فطلب مني الاخ سليمان الغمارى امين الصحة آنذاك تكليف فريق للبحث في تفشى عدوى الايدز في مستشفى الاطفال, وهكذا كان الفريق براسة الدكتور بشير العلاقي رئيس اللجنة العلمية لمكافحة الايدز الذي تيقن بوجود شبهة جنائية ،فأحيل الامر الي القضاء ، وسجن بعض الأطباء المسؤولين على المستشفى ومنهم وزير الصحة الحالي عبد المولي دغمان لكونه رئيس الوحدة التي انتشر بها دون غيرها الوباء ولم يبلغ عن الاصابات، والذي يدّعي اليوم كذبا انه سجن لكونه معارضا للنظام !!، لقد اصدر القضاء احكاما كما هو معلوم في تلك القضية ، ولان في الامر خيوطا من هنا وهناك ، اصر الاوربيون علي الافراج على الممرضات البلغاريات شرطا لتطبيع العلاقة مع ليبيا ، ولان بعض مسؤولينا استهوتهم التسويات فاتفقوا مع ساركوزي على الامر .صحيح ان زوجة ساركوزى السابقة لعبت دورا في الامر لكنها كانت مطلقة منه قبل ان يصل الي سدة الرياسة من الاساس ، و لقد كان موقف القائد محددا وثابتا ، وهو احترام احكام القضاء وتنفيذها وفقا للشريعة الاسلامية , فقضت التسوية بان يخفف حكم الاعدام الي السجن المؤبد ، وان تسلم المرضات لقضاء بقية العقوبة في بلغاريا تنفيذا لنص اتفاقية تبادل المجرمين القائمة بين البلدين بعد قبول ذوي الضحايا بالتنازل عن حقوقهم ، وقبول الدية . لقد طالت المفاوضات حول قيمة الدية الي ان اتفق على مبلغ مليون ومائتي الف دينار لكل ضحية وتحمل تكلفة العلاج في مراكز مختصة مدى حياة المصابين ، تكفّل الفرنسيون بدفع المبلغ نيابة على الجناة .و لقد شاركت زوجة ساركوزى السابقة فعلا في بعض مراحل التفاوض ، وحضرت على متن الطائرة التي جثمت بالمطار عدّة ساعات لنقل الممرضات ولم تغادرها، لكن الافراج كان مشروطا باستلام ذوي الضحايا التعويضات اولا قبل تسليم الممرضات المذنبات ، وتأخر التسليم لعدة ساعات الي حين وصول قيمة التعويضات من بنك قطر المركزي وسلم للمصرف المركزي الليبي وهذه وقائع مثبته يمكن مراجعتها بالوثائق ، وانا اعلم ان القائد غضب غضبا شديدا عندما شاهد ان الممرضات استقبلن في بلغاريا استقبال الابطال ووجه امانة مؤتمر الشعب العام بالتحقيق في الامر، وتم عزل امين الامن العام الاخ صالح رجب . لقد تم تسوية قضية الممرضات برضى ذوي الضحايا بأموال تعهدت بها فرنسا ودفعتها قطر" علي دائر مليم " ، تماما كما تم تسوية قضية لوكربي بتعويضات مالية كشفت حقيقة القرارات الاممية التي يمكن الغاؤها بدفع اموال لبعض الامريكيين والتي ستبقى نقطة سوداء في سجلات الامم المتحدة ، لكن ما لا يعلمه الليبيون هو ان قيمة تلك التعويضات استرجعت بالكامل ونقدا من الشركات الامريكية التي فرض عليها دفع مبالغ مالية للموافقة على عودتهم للعمل بليبيا تساوي قيمة التعويضات ،واتمني من العاملين بالمصرف المركزي ان يتحلوا بالشجاعة ويكشفوا ذلك للراي العام .
الامر الثالث يتعلق بأمور قد تكون سببا في نشر الفتنة القبلية ، وشق الصف الوطني ،بمحاولة تضخيم خيانات البعض، وفي هذا المجال لابد من التأكيد ان الليبيين جميعا يعانون من نتائج المؤامرة ،واغلبهم حاول جهده للتصدي لها ، وبعضهم قبلها كأمر واقع ، وقلة قليلة ساهمت في انجاحها .ولا بد من التنويه بالدور البطولي لأغلب القبائل الليبية التي قدمت الاف الشهداء والاسرى والمهجرين ، ولا بد من انصاف الدور البطولي لقبيلة القذاذفة المجاهدة خاصة ،التي ربما دفعت الثمن الباهض بسبب انتماء القائد الشهيد لها ،وتحمله مسؤولية العمل من اجل حرية واستقلال ليبيا ، فلقد وقفت هذه القبيلة مع القبائل الليبية في وجه الطورنة التركية وجاهدت ضد الطليان ،وشرّد ابنائها الي مصر وفيافي الصحراء الكبرى وورائها في تشاد والنيجر، لكن في نكبة فبراير كان الامر اكثر فظاعة اذ لا توجد اسرة من القذاذفة لم تقدم شهيدا , بل ان اسرا كثيرة قدمت كل رجالها في معركة التصدي للناتو واعوانه ، ونكّل بأبناء هذه القبيلة ايما تنكيل، فمن حقها علينا ان نقف لها احتراما واجلالا، وان نرفع قبعاتنا تقديرا وعرفانا .
وبالتأكيد كان الزج باسم المجاهد الاسير خالد تنتوش من قبل القاف المجهول امرا يكتنفه الغموض، واثار التساؤلات ؟، فالشيخ خالد بالنسبة لي صديق عزيز وهو مجاهد" بحق وحقيقي" علي راي المصريين ،فلقد تطوع في حرب التحرير الشعبية للقتال في فلسطين ،وقاتل الي جانب القوى الوطنية في لبنان، وبمجرد انطلاق العدوان علي ليبيا التحق بساحة الكفاح الوطني وعمل علي تعبئة الشارع ،وفضح خطاب الخوارج وبين خطورته، ويقبع مع نجله في زنازين المليشيات في مصراته ، السؤال الذي ربما غاب علي الدكتور القشاط لماذا لم يعلن الفبرايريون علي تعاون خالد تنتوش معهم, وقد كشفوا كل الخونة ، واعتبروهم ابطالا بالمنظور الفبرايري . خالد تنتوش كجدّه المجاهد علي تنتوش ومعظم ابناء ورشفانه الشجعان ،شخص يستحق فقط الاحترام والتقدير .
لقد تواصلت مع الدكتور محمد القشاط ، وانا اتفهم قصده من وراء نشر الكتاب ،واعلم انه انما يهدف لخدمة القضية الوطنية وفضح الخونة والعملاء ، لكن الانسان خطّاء والقشاط لن يكون استثناء .
ولأسباب تتعلق بموضعيته ومصداقيته الشخصية تمنيت عليه ان يسحب هذا الكتاب ويتثبت من روايته ويدوّن فقط ما يقتنع شخصيا بانه حقيقة يقدمها للأجيال القادمة .
اكتب ما كتبت واستغفر الله لي وللقراء الكرام ، ولكل الشهداء الابرار ، وادعوه بان يفرج كرب الاسري، وان لا يؤاخذني ان اخطاءت او نسيت . فالله من وراء القصد
مصطفي الزائدي
الأحد مايو 31, 2015 3:20 pm من طرف الفارس الفارس
» الإتحاد الأوربي و ليبيا
الأحد مايو 31, 2015 3:15 pm من طرف الفارس الفارس
» مدينة سرت الليبية و الجفرة و مناطق الوسط تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش )
الأحد مايو 31, 2015 3:02 pm من طرف الفارس الفارس
» سرت و نقص البنزين
السبت مايو 16, 2015 2:28 pm من طرف الفارس الفارس
» حديث اخضر اللثام للمنظمات الحقوقية عن مايحدث في طرابلس و ورشفانة
الخميس أبريل 30, 2015 8:24 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء أبريل 29, 2015 7:54 am من طرف عائشة القذافي
» بقلم الأستاذ : هشام عراب .
الأربعاء مارس 18, 2015 10:43 am من طرف عائشة القذافي
» نبوءة القذافي يحقّقها آل فبراير، ويقرّ بها العالم ،،
الأربعاء مارس 04, 2015 8:53 pm من طرف عائشة القذافي
» توفيق عكاشة يهدد التنظيم و يطالب أهالي سرت بعدم الذهاب للجامعة
الثلاثاء مارس 03, 2015 10:34 pm من طرف عائشة القذافي
» منظمة ضحايا لحقوق الانسان Victims Organization for Human Rights
الأربعاء يناير 21, 2015 8:49 am من طرف عائشة القذافي
» الدكتور مصطفى الزائدي - Dr.Mustafa El Zaidi
الأربعاء يناير 21, 2015 8:30 am من طرف عائشة القذافي
» معمر القذافي علي قيد الحياة بالدليل القاطع
الإثنين ديسمبر 08, 2014 8:24 pm من طرف الفارس الفارس