"من لا يقرأ تاريخه سيضطر إلى إعادته"
هذه مقولة وحين نذكر هذه المقولة فلا بد ان لا نضع تاريخنا كله في سلة واحدة، فتاريخنا المشرف وتاريخ الإنجازات وتاريخ الدولة الليبية المستقلة والوطنية تاريخ لا نضطر معه للقلق من تكرره أو إعادته.
بل يحملنا مسؤولية تاريخية و أعباء ثقيلة للحفاظ على مكتسباته، هذا ما يخص تاريخنا المشرف أما في ما يخص التاريخ المخزي و التاريخ المشين فهو تاريخ الخيانة والعمالة مثل خيانة وعمالة الشيوخ والأعيان الليبيين للمستعمر الإيطالي، وهذه الصفحة من تاريخنا – بالذات – لا بد من قراءة ظروفها و أسبابها و تحديد أطرافها و تحميلهم مسؤولية تلك الخيانة حتى لا تتكرر مرة أخرى كما هو حاصل في ليبيا هذه الأيام..!
قد يتساءل البعض ما العلاقة بين تاريخ الخيانة و العمالة للمستعمر الإيطالي بما هو حاصل اليوم بــليبيا؟
و هذا السؤال -بـالذات- قد يتبادر إلي أولئك الذين لا يقرؤون التاريخ ...!
ففي ليبيا اليوم تاريخ الخيانة و العمالة للمستعمر الإيطالي يعاد تكراره بحذافيره،فعلى رأس هيئة النزاهة الوطنية المدعو " هلال عزالدين هلال السنوسي" وهو حفيد هلال السنوسي الخائن و العميل للطليان.
قد لا يُحمل هلال الحفيد وزر خيانة جده، لكن حين لا يتبرأ الحفيد من خيانة جده فالخيانة تصير متجددة وينصب حفيد لخائن على رأس أعلى سلطة تقيم وطنية الليبيين للأسف.
دعكم من لجنة النزاهة الوطنية، فالوطنية اليوم في ليبيا مستباحة من المستوردين (الدبل الشفرة) عملاء الدول العظمى وحتى عملاء الدول المجهرية ومثال المدعو "هلال السنوسي" ليس مجرد مثال شاذ عن القاعدة،
فهنالك العديد من أمثلة من الواقع و التاريخ .فالقابع في دار الإفتاء المدعو (الصادق الغرياني ) مثال أخر مخزي و مشين. قد لا يعرف الليبيون أن جد (الصادق الغرياني ) كان شيخ و عميل الطليان.
هذه ليست تهما كيدية أو مفبركة للنيل من سمعة الغرياني هذا.. بل هي حقيقة مؤكدة .. دون التطرق إلي حقيقة تلاعبه بالفتاوى و استغلاله للدين للحصول على مكاسب سياسية والذي صار واضحا للجميع.
فالشيخ "الصادق الغرياني" حفيد لشيخ كان له باع طويل في خدمة المستعمر الإيطالي وجده المدعو "على بن على الغرياني" كان يقبض مرتباته و ثمن عمالته من سلطة الاحتلال الإيطالي.
هذه الحقيقة وحقائق أخرى مذكورة في كتيب لشيخ الناتو الصادق الغرياني عن جده عميل الطليان بعنوان "سيرة الشيخ الجد علي الغرياني رحمه الله" موجود على موقع "التناصح" الإلكتروني الخاص بالصادق الغرياني.
ما يثير الاستغراب في هذا الكتيب إن الشيخ الصادق الغرياني يعد جده على الغرياني شيخاً من شيوخ ليبيا الكبار والمعروفين. مع إننا لا نجد له اثر يذكر في المراجع و الكتب التاريخية و الفقهية ذات العلاقة- إذا استثنينا كتيب حفيده الصادق الغرياني بالطبع- ونقص المعلومات يزيد من شبهة عمالته للمستعمر الإيطالي، فالليبيون يتأففون من ذكر الخونة و العملاء في مرابعهم و أبناء العملاء يخجلون من مجرد ذكر تاريخ أجدادهم المشين و المخزي، فالعار يلجمهم إذا استثنينا بالطبع قلة حياء الصادق الغرياني صاحب فتوى الاستعانة بالناتو.
ثم هنالك دليل أخر على عمالة شيخ الطليان على الغرياني، فالشيخ "الطاهر الزاوي" لم يضمه الي قائمة كتابه "اعلام ليبيا" والذي يشمل أغلب الشخصيات الليبية البارزة على الصعيد الوطني و المقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي.
و مما يؤكد ذلك هو تجنب الشيخ الطاهر الزاوي ذكر أغلب شيوخ و عملاء الطليان في كتابه المذكور من أمثال شيخ الطليان ابو الإسعاد العالم وشيخ الطليان محمود نديم وعميل الطليان هلال السنوسي وعميل الطليان خليفة الدعيكي وكذلك عميل الطليان حسونة القرامانلي وعميل الطليان عاكف امسيك، بالإضافة إلي عميل الطليان على الغرياني جد الطلياني الشيخ الصادق الغرياني...!
في كتيبه يذكر شيخ الناتو قوة علاقة عائلته و جده عميل الطليان على الغرياني بشيخ الطليان الأول ابو الاسعاد العالم
ومن لا يعرف ابو الاسعاد العالم، فهو شيخ الطليان الذي أفتى (1) لليبيين بوجوب الطاعة والامتثال للمستعمر الإيطالي فطاعتهم من طاعة الله تعالى...! كذلك أفتى للمجندين الليبيين العملاء ضمن القوات المحتلة الايطالية بالإفطار في رمضان خلال حربهم لأخوتهم المجاهدين الليبيين،
و ابو الاسعاد العالم هذا هو اول ليبي يتجنس بالجنسية الإيطالية، سافر سنة 1921م على رأس وفد من العملاء و الخونة إلي روما مطالبين حكومة المستعمر الايطالي بالبقاء في ليبيا. تصوروا.. إلى أي درجة تصل الدناءة.!!
أيضا في كتيبه يذكر الصادق الغرياني العلاقة الوثيقة بين جده عميل الطليان على الغرياني و شيخ الطليان الأخر عبد الرحمن البوصيري، و عبد الرحمن البوصيري هذا هو صاحب بيت الشعر في مدح موسوليني يقول فيه.
يا من تقلد بالسلاح فارخوا ----- خير السيوف قلاد موسوليني (2)
شيخ الطليان عبد الرحمن البوصيري يمدح من قتل و شرد و نفى وهجر الليبيين و سجنهم في معتقلات ووطن اكثر من عشرين ألف مستوطن ايطالي في ليبيا تمهيدا لإزالة كل اثر ليبي مسلم وهو دليل إدانة مثبت على عمالة عبد الرحمن البوصيري هذا و خيانته لدينه و لوطنه.
و علاقة جد الصادق الغرياني بهولاء الخونة. اقصد (ابو الاسعاد العالم و عبد الرحمن البوصيرى) تدل على عمالة على الغرياني للمستعمر الإيطالي فنحن لم نسمع عن تبرؤه منهما أو فتوى من شيخ الطليان على الغرياني يكفر فيها ابو الأسعاد العالم و عبد الرحمن البوصيري لتوليهما الطليان.
أيضا في هذا الكتيب يحاول الشيخ الصادق الغرياني الرفع من مكانة جده شيخ الطليان "على الغرياني" الفقهية و العلمية، فيذكر أن جده العميل "على الغرياني" متحصل على إجازة في الفقه أجاز له الشيخ محمد حبيب الله مايابي الجكني عند مرور الأخير بليبيا سنة 1927. بالرغم من أنه من خلال بحثي عن صحة تلك معلومات لأتأكد من ذلك لم أجد ما يشير إلي مرور الشيخ محمد حبيب الله مايابي الجكني بليبيا خلال تلك الفترة وهذا ما يشكك في صحة تلك الإجازة..!
كذلك في كتيبه أشار الصادق الغرياني في قلة حياء واضحة الي جهاد جده على الغرياني ضد المستعمر الإيطالي وذلك بحضور جده لمؤتمر غريان ضمن وفد الاصلاح وهي محاولة ساذجة وسمجة من الصادق الغرياني، فالمعروف تاريخياً بأن سلطة الاحتلال الإيطالي لم تعارض مؤتمر غريان خلال تلك الفترة فصلح "سواني بني ادم" لا زال ساري المفعول حتى ذلك الوقت.
ولو عارضت السلطة الإيطالية ذلك مؤتمر لما سعى عميل الطليان "على الغرياني" بخطوة واحدة لمؤتمر غريان.
ومما يؤكد على عمالة شيخ الطليان "على الغرياني" للمستعمر فإن شيخ الطليان "على الغرياني" لم يتعرض إلي أي مضايقة أو ملاحقة من قبل الطليان بعد انطلاقة الحرب الليبية - الإيطالية من جديد بعد فسخ الصلح بينما تعرض الشيخ الطاهر الزاوي و الأستاذ "عثمان القيزاني" (3) الى الملاحقة الطليان مما أضطرهما إلى هجرة الوطن.
محاولات أخرى فاشلة في كتيب الصادق الغرياني المذكور سلفاً لتحسين سمعة جده عميل الطليان فيذكر أن جده عميل الطليان "على الغرياني " شارك المجاهدين في معركة الهاني دون ذكر لأي وثيقة تدعم ذلك وتناسى أن الشيخ المجاهد محفوظ الشرع مفتي الأدوار ومفتى شيخ الشهداء عمر المختار استشهد بمعركة عقيرة المطمورة ضد الطليان و لم يرضى ان يكون ذيلاً و خادما للطليان يتلقى مرتباته ومكافئاته منهم. ا
لشيخ المجاهد محفوظ الشرع يمثل النمط الحقيقي الذي يتطلبه الدين في الشيخ و فقيه الدين، وهو نمط لا يكسبه الصادق الغرياني وجده عميل الطليان اللذان استغلا الدين لمنافع سياسية ونفعية خاصة.
وعلاقة شيخ الطليان على الغرياني بإدارة الاحتلال الإيطالي لم تقف عند هذا الحد.
فالصادق الغرياني يذكر أيضا في كتيبه مقابلة جده لشخصية إيطالية ملتحية تربي الذقن. فأثر ذلك الموقف في جده تأثيرا كبيرا فقال: ( لو اتاكم في بلد اعداد من أمثال هذا الكافر الملتحي لقلدتموهم و اعفيتم الحاكم)
الصادق الغرياني يقف عند هذا الحد لكسب عواطف القارئ الليبي المسلم بالفطرة ولا يعطى تفاصيل أكثر عن تلك المقابلة بين جده و ذلك الإيطالي الملتحي، ومن المعروف بأنه من النادر أن تجد إيطاليا يربي ذقنه، و من المعروف أيضاً إن "ايتالو بالبوا" الحاكم العام لــ(ليبيا) إبان حكم الاستعمار الإيطالي كان ملتحياً.
وهذا هو المربع الاخير في حقيقة صورة خيانة عميل الطليان على الغرياني. فالشخصية الإيطالية التي ذكرها شيخ الناتو "الصادق الغرياني" و التي قابلها شيخ الطليان "على الغرياني" لم تكن سوى "ايتالو بالبو"(4) الحاكم العام لليبيا والصورة التي بالأسفل تظهر جد الشيخ الصادق الغرياني المدعو "على بن على الغرياني" وهو يهنئ ايتالو بالبو الحاكم الإيطالي العام لليبيا بعيد الفطر المبارك في تلة من الشيوخ الخونة وعملاء الطليان و هو مما لا يترك مجالا للتشكيك في عمالة جد الصادق الغرياني للطليان.
ارجو أن لا تنطلي على القراء محاولة شيخ الناتو الصادق الغرياني إبراز جده عميل الطليان كحامي للسنة وحريص على إعفاء اللحية فإذا كان إعفاء اللحية من موجبات السنة إلا أنها ليست كل شئ، الإسلام ليس التمسك بالفروع، و تجاهل للأصول و الفروض كفرض الجهاد ضد الكافر الإيطالي المحتل و التمسك بالفروع و تجنب الفروض هو ما فعله شيخ الطليان "على الغرياني" فلم نجد له أي فتوى باسمه تدعو بوجوب الجهاد ضد المحتل الإيطالي وهو العلامة الكبير كما يدعى حفيده الصادق الغرياني الذي يعاود كرة الخيانة مرة أخرى.
فحقيقة تلاعب "الصادق الغرياني" بالدين ونفاقه صارت واضحة للعيًان و فتواه بجواز الاستعانة بالناتو لم تكن سوى تكرار لخيانات شيوخ إيطاليا العملاء و هي دليل أتبات على تأصل جذور العمالة و الخيانة فيه.
لا تستغربوا.. فهذا قليل من كثير عن تاريخ الخيانة والعمالة.
وكما قلت لكم إذا لم نقرأ التاريخ المخزي للخونة و العملاء فتأكدوا فإن هذه الخيانة و العمالة ستتكرر مرة أخرى.
قارئ تاريخ
1-فرج نجم، سيرة الأجداد بين الابتلاء و الغبن و التخوين، ص 70
2- جريدة بريد برقة بتاريخ 2 ابريل 1926
3- الطاهر الزاوي، اعلام ليبيا، 252
4- ايتالو بالبو: استعماري ايطالي و قيادي في الحزب الفاشي، في سنة 1934 تولى منصب الحاكم العام لمستعمرة ليبيا في ذلك الوقت. استجلب 20 عشرين الف مستوطن ايطالي الي ليبيا تنفيذاً لمخطط استعماري طويل الزمن لاستيطان اكثر من نصف مليون مستعمر ايطالي سنة 1950م
محسن الأخضر - منتديات الدفاع عن الجماهيرية وسوريا