جاءت النساء تستصرخ فينا الرجولة و النغرة و البداوة و الواجب و في ايديهن الأطفال " أنهم يقتلوننا ! .. أنقذونا ! أغيثونا ! بالله عليكم يا خوتنا ! أحنا هلكم ! أحنا خواتكم ! أحنا بناتكم ! حياتنا في رعب ! حياتنا في جحيم ! ما هم ليبين ! قتلة سيافين و ذباحين ! بالله عليكم ! بالله عليكم ! سنساعدكم !

أندخل ؟! لم نحصل على أمر ! لنسأل ربما يوافقون على الدخول ! و ربما لديهم برامج اجتماعية و قبلية تحق دم الأخوة " فدم الأخوة حرام " ! فالدم الليبي على الليبي حرام ! و نسمع أصوات القذائف من الهاون و هو يصم في الأذان ! و يتناهي إلينا أصوات التكبير الحرام ! تكبير يعظي حجم الكفر ! و تستتر تحته الخيانة ! علينا أن ننتظر الجنود و الضباط في ترقب ! يزيد تكرار مشهد مجيء النساء الواجمات الباكيات ! و في ايديهن الأطفال المرعوبين ! حال يقطع قلوب الأعداء فما بالك بقلوبنا و نحن أهلهم ! و جاء الأمر أدخلوا بحذر ! بعدد قليل ! و ربي يوفقكم ! خرجنا أقل من عشرة لم أعد أذكر العدد و انطلقنا لوسط المدينة .. السكون يلف المكان لا أحد ! أين النساء أين الرجال أين الأطفال أين الشيوخ لا أحد ؟! و بدأ الرصاص و القذائف و خرجت الجموع أطفال نساء و شيوخ و مقاتلين من كل حدب و صوب و اشتعلت النار في مركبتي و قتل الرفاق و استشهدوا واحد تلو الأخر و تم احراقي في داخل دبابة روسية الصنع و اخرجت منها و انا مازلت حي .. و تم تمزيقي و الجموع تضحك و النسوة تزغرد و الأطفال يشاهدون و الشيوخ متفاخرون و القتلة يمزقون جسدي و أنا اشاهد ايديهم تتلاقف اجزاء جسدي و الحاضرين يصورون بهواتفهم النقالة و انا حي لم أمت بالرغم من أن اشلائي بين أيديهم و كنت مقهورا من الخديعة النساء الباكيات فرحت و هن ينظرن لأشلائنا المقطعة الممزقة بالرصاص .. و تمسك بقلبي بين يديه و أخذ يعظ قلبي بين أسنانه بكل جسارة " وحشية " .. و أنا اتبسم و أتذكر قصة الحسين و أمه " لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها " .. و لم أتأثر بسبب الحرق و التقطيع و التقتيل و الضحك و التصوير و لكن كنت مقهورا من الخديعة و الخيانة .. لنظرت للنسوة هن يضحكن و شعرت بنفسي في بحور من الشك .