بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أود أن اشكركم على هذه المعلومات القيمة التي وردت في المقال و التي بعضها جديد بالنسبة لي. و لكنني أعزوا هذه النكبات و الأوضاع المتردية التي تمر بها الأمة عبر قرن من الزمن لأسباب فكرية و ثقافية بحتة إذ أنني اؤمن بأن الفكر و الثقافة هي التي تقود المجتمعات و تنمي فيها الثقة بالنفس والطموح و روح الابداع و التألق فكلما كانت الثقافة اصيلة كان المجتمع اقوى ارادة و عزيمة فهي تمثل الجهاز المناعي ضد أي فكر انهزامي رجعي قد يغزو المجتمع الذي بات يعرف بالغزو الثقافي والذي اصبح من الأسلحة التي تعول عليها القوى الامبريالية في غزو الشعوب و احتلالها فمن المؤسف ان الغرب استطاع غزونا ثقافيا و فكريا و زرع ثقافة منهزمة في مجتمعاتنا و جند لها عقولا من ابنائنا خدمة لمصالحه و لضرب أي محاولة للنهوض و بناء ثقافة تنبع من اصالة المجتمع فلو رجعنا للوراء لبدايات القرن الخامس عشر افرنجي عندما قامت اعداد كبيرة من الرحالة الاوروبيين برحلاتهم المشبوهة داخل الوطن العربي و دراسة التراث و التاريخ و المجتمعات العربية و الاطلاع على كل صغيرة و كبيرة تخص مجتمعاتنا و سرقة الآلاف من المخطوطات و النفائس العربية و زرع الفتنة في هذه المجتمعات لتهيئتها للغزو الشامل الذي كشر عن انيابه مع اواخر القرن التاسع العشر و بدايات القرن العشرين حيث وضعت خطط محكمة لبسط السيطرة طالت مناهج التعليم التي وضعت في ذلك الوقت خدمة للأهداف الغربية في المنطقة تحت اسم النهضة الفكرية في بداية القرن العشرين بقيادة مفكرين عرب تثقفوا بثقافة و فكر غربي حيث تم اعدادهم في الجامعات الغربية و تشربوا فكرها و ثقافتها و اصبحت مناهجنا الدراسية منذ ذلك التاريخ بعيدة عن ثقافتنا و فكرنا و عقيدتنا و تراثنا و اوصلتنا هذه المناهج لحالة من الضياع و التيه و لا نقوى على التفكير بصورة صحيحة حتى اصبحنا ندرس لغتنا و ديننا في جامعاتهم و معاهدهم حقيقة اصبحنا اجسادا طيعة في ايديهم نتشكل حسب دراساتهم و افكارهم و للأسف الى يومنا هذا نرسل فلذات اكبادنا الى جامعاتهم ليتم تشكيلهم حسب النمط الغربي و ربما يتم حتى تجنيدهم لضرب القوى الوطنية و ينتج جيل هجين فاقد الثقة و الهوية و مذبذب الفكر و الرأي لأنه يعيش صراعا عنيفا بين ثقافتين احداها اصيلة و اخرى وافدة و هذا واضح في مواقف ما يعرف بالنخبة و خاصة عند الأزمات. و لم يقفوا عند هذا الحد لإحكام السيطرة و جاءوا بقصة اعطاء الشعوب استقلالها و مساعدتها في بناء دولها و لكن وفق الرؤية الغربية فبنوا مؤسسات الدولة و نظمها السياسية بما يخدم مصالحهم على المدى البعيد احزاب مجالس نيابية برلمانات الخ و ضربوا بالتركيب الاجتماعي التي تعتبر القبيلة فيه المحور الرئيس عرض الحائط لينشأ صراع صامت بين المجتمع و الدولة الحديثة ذات النمط الغربي يشده للخلف و يعرقل حركة تقدم المجتمع و قيض لهذه الدولة الحديثة فكرا و ثقافة تشربها الكثير من المفكرين و الساسة العرب حتى بات و كأن لا انظمة حكم افضل من الانظمة الغربية و الادهى من ذلك اصبح هؤلاء الساسة و المفكرين يحاربون أي فكرة سياسية تولد من رحم المجتمع و يصفونها بالعقم او بالهرطقة و يعملون على افشالها.